كتبت جوزيان سعادة
ركزت الصحافة العالمية في الشهرين الأخيرين على السياحة في لبنان، مشيدة بالنوعية في ما يتعلق بالمطاعم، التي زاد عددها بنسبة 25% عن العام الفائت، ولافتة إلى أن الحجوزات في الفنادق بلغت رقما قياسيا رغم التوتر الذي يسود الساحة بين حين وآخر تبعا لسخونة الملفات السياسية المتداولة.
والمفارقة أنه، في حين تولي الصحافة العالمية السياحة في لبنان حيزا مهما، تهمش وسائل اعلام محلية دور هذه السياحة مقللة من أهمية مردودها على الميزان التجاري، وهو ما يرتد سلبا على سمعة لبنان السياحية ولا يساعد في تشجيع المصطافين والمستثمرين، وابرز ما أوردته الصحف الاجنبية عن السياحة في لبنان:
صحيفة "التايمز"
فقد نشرت صحيفة "التايمز" اللندنية مقالا بتاريخ 28/6/2010، بعنوان: "النبيذ اللبناني من معبد باخوس وصولا الى فرنسا"، حيث يذكر المقال ان لبنان هو من اقدم المناطق المنتجة للنبيذ في العالم، خصوصا انه يوجد في بعلبك في الطرف الشمالي من وادي البقاع معبد باخوس المكرس لاله الخمر والذي يعود تاريخه الى القرن الثاني وقد عدد المقال انواع النبيذ الفاخرة المنتجة في لبنان.
"النيويورك تايمز"
أما "النيويورك تايمز"، فنشرت مقالا في شهر حزيران الفائت بعنوان: "كبار الطهاة واصحاب المطاعم في العالم يقصدون بيروت"، ويستهل الكاتب مقاله بالتأكيد انه بعد اكثر من 30 عاما من الحرب الاهلية والغزو والاحتلال عاد لبنان الى الازدهار مرة اخرى وارتفعت منطقة وسط المدينة في بيروت العاصمة من تحت الانقاض، حيث تم انشاء اكثر من 400 مشروع جديد من بينها منطقة الواجهة البحرية الجديدة المنتزهات والفنادق ذات المستوى العالمي والمتاجر الراقية والاثار والكنائس والمساجد المرممة.
ويضيف كاتب المقال:"يقول رئيس مجلس ادارة الضيافة - بيروت في السوليدير (المسؤولة عن تطوير وسط المدينة) جوزف عسيلي إنه من اجل المساعدة على استعادة مدينة بيروت لاسمها "باريس الشرق الاوسط " هناك اليوم اكثر من 100 مطعم، تضم بعض الطهاة البارزين ذات الشهرة العالمية التي تجعل بيروت عاصمة المطبخ في الشرق الاوسط، وانطوان ويسترمان، ويانيك الينو، وجويل روبوشون والخباز الباريسي قيصر اريك وجان جورج فوجيريختن هي من بين الاسماء اللامعة التي تستعد لجذب السياح والسكان المحليين الى المدينة التي دمرت يوما".
وكاتب المقال كان قد قام بجولة على ابرز المطاعم في بيروت، والتنوع الكبير في الاطباق الذي يتم تقديمها بحرفية ومهارة كبيرتين.
مجلة "ديبارتور"
كما كتبت مجلة "ديبارتور" في عددها الصادر لصيف 2010 مقالا عن لبنان، بعنوان "بيروت الجديدة الشجاعة"، حيث يشدد كاتب المقال على فكرة "عودة بيروت" الى سابق عهدها، وقد استهل المقال باظهار اهمية الهدوء السياسي والاستقرار الامني اللذين هما حافزان اساسيان لعودة بيروت التي اطلق عليها تسمية "باريس الشرق الاوسط"، بيروت حققت تقدما مهما على جميع الاصعدة عبر المشاريع والاستثمارات المهمة والضخمة التي نتج عنها عودة العديد من المغتربين، ومثالا على هذه الاستثمارات الضخمة حيث تحدث كاتب المقال عن فندق "لو غراي" والفور سيزانز وال"غراند حياة"، اما على صعيد الاسواق والموضة ومصممي الازياء الذين يلعبون دورا اساسيا في تألق بيروت كعاصمة للموضة فاعطى مثالا ميليام بوتيك، ومحلات بوكجا، وبالاخص اسواق بيروت في سوليدير.
اما على صعيد المطبخ فقد اضاف مطعم "تاولت" و"بورغاندي" على لائحة المشاريع التي ساهمت بتألق بيروت التي جذبت العديد من اخصائيي الطبخ المصنفين "ميشلان".
"سيدني مورنينغ هيرالد"
ونقلت صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" الأوسترالية عن وزير السياحة فادي عبود قوله إنه يتوقع "أن يصل إلى لبنان مليونان ومئتي ألف سائح أي بزيادة 25 % عن العام الفائت، ما يساعد على النمو الاجمالي للاقتصاد اللبناني"، لافتا إلى أن "المطاعم تنتشر بسرعة كبيرة وبحسب الاحصاءات سيبلغ عددها 8 آلاف مطعما مع نهاية الصيف الحالي مقابل 7 آلاف مطعم في الصيف الفائت".
وذكرت أن "الفنادق من فئة 5 نجوم تعج بالسياح الخليجيين الذين يتبضعون من أشهر الأسواق اللبنانية ومن أثمن التصاميم العالمية والذين جلبوا سياراتهم الفخمة التي تراها على معظم الطرق اللبنانية".
ولفتت إلى "نقلة نوعية شهدها لبنان بعد عدوان تموز الذي دمر البنى التحتية وأدى إلى تراجع في الاقتصاد. فيشهد لبنان حاليا عددا كبيرا من السياح السعداء بصرف أموالهم على المأكولات والمشروبات والسهرات التي يحييها أشهر ال "دي.جي" الأوروبيون".
وذكرت الصحيفة أنه "لوحظ تدفق الأموال بطريقة سخية من قبل السياح الذين يدفعون 250 دولارا على الشخص الواحد مثلا ليعتلوا المطعم - الرافعة الذي يرتفع على علو 50 مترا في سماء وسط بيروت".
وأكد صاحب فندق "لو غراي" الفخم في بيروت غوردن كامبل غراي لمراسل الصحيفة أن "الحجوزات بلغت 90% خلال الصيف الحالي".
وأشارت إلى أن "عدد السياح الآتين إلى لبنان لم يتأثر على الرغم من التوتر الشديد بعد التقارير التي ذكرت بأن سوريا زودت "حزب الله" بصواريخ "سكود".
وختمت الصحيفة أن "لبنان انتصر بعدما جهز صحن حمص وزنه 10 أطنان لمنافسة إسرائيل في انتزاع لقب "أكبر صحن حمص في العالم".
وفي عدد آخر، ذكرت الصحيفة أن "لبنان يشتهر بإنتاج النبيذ الفاخر، ويقدر المؤرخون أن انتاج النبيذ في لبنان بدأ منذ 5 آلاف عام، والبقاع هو من أهم مناطق إنتاجه. ومنذ التسعينيات زرع أكثر من 30 كرما من العنب المخصص لانتاج النبيذ. وذكرت أن هذه الحقول كانت مزروعة سابقا بالحشيش، وبمساعدة الحكومة الأميركية تمكن لبنان من تلف هذه الحقول".
"زمان"
من جهة أخرى ذكرت `" التركية أن "لبنان وتركيا وقعا اتفاقيات سياحية تتعلق بإلغاء "الفيزا" بين البلدين من أجل تعزيز العلاقات التجارية والتعاون الاقتصادي الثنائي، ووقع الجانبان على 5 اتفاقيات تعاون في مجالات الصحة والزراعة والعلاقات العسكرية والنقل والتعليم.
ولفتت نقلا عن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أن "تركيا أعلنت نيتها دعم لبنان بالكهرباء والغاز الطبيعي"، كما نقلت عن البروفسور التركي فيسيل أيهان أن "البلدين يمران في حقبة ذهبية من العلاقات الثنائية"، لافتا إلى أن "سياسة تركيا الجديدة في الشرق الأوسط تركز على الحوار البناء ما جعل اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم يحترمون بلدنا أكثر فأكثر، وخصوصا أن تركيا على مسافة واحدة من الجميع مسلمين ومسيحيين".
"Mailonsunday"
وفي مقالة بعنوان "الآلهة تبتسم للبنان مرة أخرى"، أشادت الصحافية ديانا برستن في موقع "Mailonsunday" بلبنان، وقالت: "إن الرفييرا الفرنسية في الشرق الأوسط تحيا مرة أخرى"، وأبدت دهشتها بشتى المعالم السياحية اللبنانية التي زارتها من بيروت - المنارة والمتحف - إلى نهر الكلب وجبيل، الشوف وبيت الدين وبعلبك وبالبقاع وغيرها.
أن تفرد الصحافة العالمية حيزا من يومياتها للاضاءة على السياحة النشطة في لبنان هو مدعاة فخر لا شك، لكن هل يحسن بعض اللبنانيين، إعلاميين وسياسيين على حد سواء، استثمار هذه الواقعة، أم تكون فرصة أخرى مهدورة تضاف إلى سابقاتها، ودائما من انتاج محلي؟