خاص الوكالة الوطنية للإعلام
لا صرخات المواطنين اليائسين تنفع، ولا قطع الطرق احتجاجا يعيد التيار الكهربائي، ولا الدعاء وقرع الصدور يخففان وطأة أزمة تبدو عصية على كل حل. والأدهى أن وزير الوصاية الذي يفترض أن يكون بيده الحل والربط، يبدو كمن "غسل يديه من دم هذا الصديق"، عندما لفت الى إن الحكومة تعرقل عمله، واصفا عملها بالبطيء ولا يواكب وزارته في السرعة، مما يؤخر خطته لإصلاح قطاع الكهرباء ووضع حد لأزمة مزمنة!.
بإزاء هذا الواقع المرير، كيف يمكن للمواطن أن يلمح بصيص نور أو شعاع أمل في آخر النفق المظلم؟
لم يكن مفاجئا أن يزداد وضع الكهرباء سوءا هذا الصيف وأن تزداد فترات التقنين حدة، باستثناء بيروت الإدارية التي تخضع لبرنامج تقنين مخفف منذ أعوام.
ولم يكن مفاجئا أيضا الغضب الشعبي ونزول المواطنين إلى الشوارع من الشمال إلى الجنوب والبقاع، احتجاجا على قساوة التقنين وعشوائيته أحيانا.
إنما ما كان مفاجئا هو غياب خطة طوارئ تهدف إلى تخفيف حدة الأزمة في انتظار أن تبصر النور خطة وزير الطاقة والمياه جبران باسيل التي أقرها مجلس الوزراء قبل أشهر، والقاضية بتوفير التيار الكهربائي 24 ساعة متواصلة بعد أربع سنوات.
الأسبوع المنصرم رست في مرفأ بيروت باخرة تركية مجهزة لتوليد 200ميغاواط، تفقدها وزير الطاقة والمياه جبران باسيل واطلع على مواصفاتها وقدراتها، ومن على متنها أطلق تصريحا وصف فيه عمل الحكومة بأنه بطيء ولا يواكب سرعته الشخصية، مما يؤخر خطته لإصلاح قطاع الكهرباء ووضع حد لأزمة مزمنة.
"الوكالة الوطنية للإعلام" حاولت استقصاء مواقف مختلف الافرقاء الممثلين في الحكومة للاستدلال على مواقع البطء المشكو منه في عمل الحكومة، كما حاولت الحصول من باسيل على مزيد من الإيضاحات عن موقفه. وفيما اكتفى الأخير، وفق مكتبه الاعلامي، بما سبق أن أدلى به، لم يشأ سوى عدد قليل جدا من الوزراء التطرق الى الموضوع خارج اطار مجلس الوزراء، وهذا كان موقف وزير الداخلية والبلديات زياد بارود الذي رفض التعليق على كلام باسيل في وسائل الاعلام، معتبرا "أن المكان الوحيد الصالح للرد عليه هو قاعة مجلس الوزراء".
كذلك أكد وزير التنمية الادارية محمد فنيش ان "كل شيء يتعلق بالحكومة يناقش داخل مجلس الوزراء وليس في الاعلام، وعلى أي حال، ليس لدي تعليق على الموضوع".
في المقابل، علق وزير العمل بطرس حرب على الموضوع بالقول:" مع تأكيدي ان الامر يجب ان يناقش في مجلس الوزراء وكان يفترض بالوزير باسيل ان يطرح هذا الامر لبحثه في مجلس الوزراء، الا انه وقد تم الانتقاد علنا عبر وسائل الاعلام وتفاديا لانعكاس ذلك سلبا على صورة الحكومة".
وابدى حرب أسفه لأن "نضطر الى التوضيح او الدفاع عن سلوك الحكومة في معرض توضيح ما ورد على لسان أحد أعضائها عندما اتهمها بصورة مباشرة او غير مباشرة بالتقصير والبطء، وبعرقلة المشاريع التي يمكن ان تؤدي الى حل مشاكل الكهرباء في لبنان".
وتمنى حرب "ان يناقش هذا الامر في مجلس الوزراء، علما أن من الطبيعي أن يعرف الرأي العام أن الوزير باسيل عرض على مجلس الوزراء ما يسمى خطة شاملة لاصلاح واقع الكهرباء، وان المجلس اقرها من دون اي ابطاء". ولفت الى ان الوزير باسيل "لم يعرض منذ اقرار هذه الخطة الشاملة اي مشروع على مجلس الوزراء"، مستغربا "اتهام مجاس الوزراء او الحكومة بالبطء والقول انه على الحكومة ان تسير بالسرعة التي يحددها لها احد الوزراء، وليس ان يسير الوزير بسرعة الحكومة".
وأمل ألا يفهم من موقف باسيل "أن هذه الحكومة هي المقصرة، لأنها ليست مقصرة في هذا الموضوع"، لافتا الى أن "حجم المشاكل السابقة والمتمادية وتراكمها، رغم استعداد هذه الحكومة لمساعدة الوزير المختص على حل هذه المعضلة الكبيرة، يحول دون الانجاز السريع، ولا يجوز تاليا ان تتهم هذه الحكومة بالتقصير وان تحمل مسؤولية الواقع المتردي للكهرباء وان يبدو وكأنها هي من تعرقل هذه الخطة، في وقت لم تعرض عليها اي خطة لترفضها".
وإذ رفضت وزيرة الدولة منى عفيش التعليق على الموضوع بداعي أنها غير مطلعة عليه، دافع وزير السياحة فادي عبود عن موقف باسيل، شاكيا بدوره من انعكاسات "بطء الحكومة في عملها" على وزارته ايضا"، وعازيا أسباب هذا البطء الى "الروتين الاداري وصلاحيات معظمها مكتوب من الكتبة والفريسيين، وهي لعرقلة كل الاعمال".
أضاف: "نعم، أنا أوافق الوزير باسيل الذي لو تركوه يعمل لكانت الحلول أسرع بكثير، ولو تركوني أعمل لكنا بدأنا بناء الاستراحة السياحية على حدود المصنع وعلى الحدود البرية كلها، ولكنا بدأنا بناء مركز للمعارض والمؤتمرات في ضبية ونقلنا الوزارة من هذا المبنى غير الصالح لوزارة السياحة، ولكان موضوع الملاك الاداري والمفتشين السياحيين والشرطة السياحية أفضل مما هو عليه بكثير. نعم، العرقلة موجودة، وقد أخذت أبعادا، عن قصد او عن غير قصد، لم تعد مقبولة في بلد يعتبر نفسه ديموقراطيا".
واعتبر "أن عدم إقرار الموازنة هو أحد أهم أسباب تأخير المشاريع"، وقال: "في موضوع الكهرباء إذا لم تصدر الموازنة فلا قيمة للخطة. المشكلة لا تكمن في الانتاج او التوزيع، فالوزير باسيل يعالج مشكلة عمرها 25 عاما لم نستثمر خلالها في الكهرباء، وتاليا قد تكون المشكلة عند الوزير باسيل تقنية وتمويلية".
أما الوزير ميشال فرعون فأشار الى أن باسيل "لم يقدم أي طلب الى مجلس الوزراء، ولم يكن هناك تلكؤ ولا جواب سلبي ليضع الوزير باسيل الحق على مجلس الوزراء".
من جهته أكد وزير الاعلام الدكتور طارق متري "أن مجلس الوزراء يبقى المكان الصالح لمناقشة اقتراحات الوزير، أي وزير، وسماع وجهة نظره في شأن العمل الحكومي. وأنا لا أعرف عما يتحدث معالي الوزير حين يشير الى بطء في عمل الحكومة، ومجلس الوزراء هو المكان الصالح ليطرح اقتراحاته ويسمع رأيه في العمل الحكومي. فعمل الحكومة لا توجه اليه الانتقادات في وسائل الاعلام، بل داخل الحكومة".
وشدد على "أن القضايا التي تتعلق بعلاقات الوزراء في ما بينهم أو علاقتهم بالحكومة مكانها في مجلس الوزراء".