الخميس 31 تشرين الأول 2024

04:24 pm

الزوار:
متصل:

" أستوديو بعلبك" في مهب الاستثمار وما تبقى من معدات في عهدة وزارة الثقافة

 

كتبت رحاب أبو الحسن
 
 
 
 بيروت العصر الذهبي في عهدة الاستثمار! "أستوديو بعلبك" الذي كان أول صرح يقدّم أفلاما بالألوان قبل مصر، سيصير من الماضي مع قرار هدمه من قبل أصحابه وتحويله إلى مرآب للسيارات .
 
 
 
 فوزارة الثقافة اللبنانية التي أوقفت في آذار الماضي أعمال هدم "الأستوديو" بناء على قرار الوزير سليم وردة لاستطلاع إمكان تصنيفه كمبنى تراثي، لم تتمكن بعد مفاوضات أولية مع أصحاب العقار من إقناعهم بالإبقاء على المبنى التراثي الذي اختزن ذاكرة لبنان الفنية على مدى أكثر من أربعة وستين عاما "على اعتبار أن العقار شركة خاصة وليس ملكا عاما وبالتالي يحق لأصحابه التصرف فيه وفق ما يرونه مناسبا لهم".
 
هكذا غلب الاستثمار في العقارات التراث الفني اللبناني، وبدلا من الأستوديو الصغير الذي استقطب مشاهير الفنانين اللبنانيين والعرب، سيكون للبنانيين مرآبا جديدا للسيارات وبناء ضخما مشيّدا على الطراز الحديث...!
 
صرخات الفنانين اللبنانيين الذين عايشوا هذا الصرح الكبير لم تنفع في ثني أصحاب العقار عن موقفهم والإبقاء على هذا الكنز الثقافي والفكري كما يقول نقيب الفنانين جان قسيس الذي أشار إلى محاولات قام بها الفنان اللبناني شوقي متى والفنان المصري نور الشريف للإبقاء على هذا المعلم الثقافي والذي أفشلته الصحف المصرية نتيجة خوفها من المنافسة التي قد يسببها إعادة تشغيل هذا الأستوديو العريق .
 
ولم يكن حظ وزارة الثقافة أفضل بكثير، إلا أنها ورغم عدم تمكنها من الحفاظ على المبنى الذي حضن في زواياه فنانين لبنانيين وعرب كبار، أمثال محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، صباح، وديع الصافي، فيروز والأخوين الرحباني، فريد الأطرش،علياء نمري،  شوقي متى وغيرهم الكثير الكثير... غير أنها تمكنت من خلال الوزير سليم وردة بإقناع المعنيين من أصحاب العقار بتقديم ما تبقى من معدات سينمائية تراثية إلى الوزارة التي ستعمد إلى الاحتفاظ بها وعرضها في قسم السينما التابع للوزارة.
 
 وفيما خص المبنى أوضح الوزير وردة أن الوزارة تفاوض أصحاب العقار والاتصالات لازالت قائمة "لكن ليس لدينا القدرة في الوزارة على استملاك المبنى رغم ما يختزنه من ذاكرة تراثية وفنية وفكرية عريقة، مع العلم أنه ملكية خاصة وليس ملكية عامة وبالتالي لا يمكننا أن نفرض على أصحابه أي قرار لأن كلفة الحفاظ على المبنى كما هو مكلفة جدا".
 
وعن إمكان سعي الوزارة للحفاظ على المبنى لكونه يختزن ذاكرة فنية عريقة هي الأولى في الشرق الأوسط، أكد الوزير وردة أن الفكرة واردة ونسعى للوصول إلى هذه المرحلة،كاشفا أن القرار النهائي ليس لوزارة الثقافة وإنما لمجلس الوزراء "وسأعمد في أقرب فرصة لعرض هذا الموضوع على الحكومة لاتخاذ قرار نهائي في شأنه".
 
قسيس
 
الفنانون اللبنانيون الذين هالهم ما يحصل لهذا الصرح الفني التراثي أطلقوا صرخات عدة للحفاظ على هذا المعلم التاريخي العريق إلى حد عمدت معه الفنانة ليليان نمري ابنة الفنانة الراحلة علياء نمري إلى إنشاء مجموعة على "الفايسبوك" استنكارا لما يحصل ودعما لإبقاء "الأستوديو" في مكانه ويحوّل إلى متحف فني يحكي تاريخ صناعة الأفلام والسينما ويحفظ الذاكرة الفنية لبلدنا.
 
 وهو الأمر الذي يؤكد عليه نقيب الفنانين اللبنانيين جان قسيس الذي أشار إلى أن مشكلة "أستوديو بعلبك "مزمنة وتعنينا كفنانين وحاولنا في الفترة الماضية ولاسيما الفنانان شوقي متى ونور الشريف لإعادة الحياة إلى هذا الأستوديو لكن الظروف لم تسمح نظرا إلى وضعية العقار"فلا يجوز أن نعاند القانون فلأصحاب العقار الحق باستثماره، ولكن ما يهمنا هو إمكان إعادة تشغيل "أستوديو بعلبك "حتى ولو في مكان آخر، متمنيا أن تصل وزارة الثقافة التي تفاوض المعنيين من الوصول إلى اتفاق بتخصيص مكان في العقار الجديد الذي سينشأ مكان المبنى الحالي يخصص لإقامة متحف ولو صغير "للأستوديو" إذا لم نتمكن من إعادة تشغيله، لأن هذا الموضوع يهمنا كفنانين حتى لا نمحي جزءا أساسيا ومهما من ذاكرة لبنان الفنية السينمائية والمسرحية ،كنا لا نمحي ذاكرة أعمال رائعة سجلت في هذا الأستوديو.
 
حكاية "أستوديو بعلبك"
 
 تقترن قصة تأسيس أستوديو بعلبك بالمصرفي يوسف بيدس (بنك انترا) إضافة إلى ثري فلسطيني الأصل هو بديع بولس يتردد أن الأستوديو قام في فيلا كانت ملكاً له في منطقة سن الفيل. ولا يمن فصل نشأة أستوديو بعلبك عن الإرث المكتسب من تجربة "إذاعة الشرق الأدنى"، احد رجال هذه الإذاعة، كامل قسطندي، اخبر انه قبل أن يكون الأستوديو معروفاً باسمه الحالي، لم يطمح مؤسسوه إلى أكثر من تطوير أسلوب العمل الذي مارسوه في إذاعة الشرق الأدنى.
 
وبالفعل، فقبل إضافة النشاطات السينمائية إلى قائمة مشاريعه، أطلق على الأستوديو اسم "الشركة اللبنانية للتسجيلات الفنية".
 
وتوزعت المهام الفنية والإدارية في المرحلة التأسيسية بين كل من توفيق الباشا، نزار ميقاتي، زكي ناصيف وكامل قسطندي، فيما تولى صبري الشريف منصب المسؤول عن الدائرة الموسيقية والذي كان يعتبر العمود الفقري لجميع أعمال الأخوين الرحباني لاسيما في الليالي اللبنانية في مهرجانات بعلبك،وكانت فيروز تعتبر الثالوث الفني الذي يضم عبد المجيد أبو لبن وصبري الشريف وكامل قسطندي الذين جاؤوا من محطة الشرق الأدنى - في عين المريسة في مطلع الستينات إلى أستوديو بعلبك بمثابة مداميك وقفت عليها (حجارة الأستوديو) بفضل ما كانوا يتمتعون به من كفاءات فنية لاسيما الإخراجية منها. كما أن هذا الثالوث الفني كان أول من بشّر بولادة إذاعة الصنائع التي تعرف اليوم بإذاعة لبنان.
 
موسيقار الجيل محمد عبد الوهاب كان شاهداً على العصر، عصر ولادة هذه المؤسسة الفنية الكبرى شتاء 1965، يوم زارها للمرة الأولى وكانت بانتظاره الشحرورة صباح والشاعر الغنائي توفيق بركات وبيده قصيدة كتبها بأحرف دامعة لأنها كانت بمثابة رسالة لجميع اللبنانيين المقيمين والمغتربين، وقد حملت القصيدة عنوان "ع الضيعة يمّا ع الضيعة".
 
 
 
دخل موسيقار الأجيال الأستوديو وبيده (منديله الأبيض) كعادته، أعطى المخرج الضوء وبدأت عملية التسجيل. وكثيراً ما كانت المطربة نجاح سلام وزوجها المخرج محمد سلاف يقضيا معظم أوقاتهما في الأستوديو باعتبارهما يسكنان بجواره إضافة إلى غيرهما من الوجوه الفنية.
 
لا شك في أن ما قام به القيمون في ذلك الوقت، حمل الازدهار لأستوديو بعلبك، ثم جاءت الحرب وأخذت بالقضاء عليه تدريجياً، ولم تعد الدولة تتحمل أعباءه ما أدى في الختام إلى إقفال أبوابه والاستغناء عن خدمات موظفيه، إلى أن راح الأستوديو العصري قصفاً بالطائرات الإسرائيلية إبان اجتياح لبنان في صيف عام 1982 وتوقف أستوديو بعلبك عن العمل.
 
وفي العام 1992، أعيد افتتاح الأستوديو، ليحتضن بشكل أساسي المشاريع الطلابيّة... إلى أن العام 2010، جاء ليقضي على حلم النهوض به.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب