تحقيق بدوي حبق
وطنية - من بقاعكفرا القرية الأعلى ارتفاعا عن سطح البحر بين القرى اللبنانية الجبلية حيث يشم الزائر إليها عطر القداسة ورائحة الإيمان وحيث يعبق في سمائها بخور القديس شربل الراهب اللبناني الذي عمت عجائبه الإلهية كل العالم ولمست كل الأديان والطوائف. هذه البلدة المطلة على وادي قنوبين تبقى مستيقظة لا تعرف طعم النوم من وقع خطوات الحجاج الذين لا ينقطعون عن زيارتها ليل نهار قاصدين دير وبيت مار شربل للصلاة والتبرك وإيفاء النذورات. الدير الذي كان مسقط رأس القديس شربل الذي ولد فيه في 8 أيار عام 1828 وكان مسكنا لجميع أفراد العائلة.
تتوزع حياة القديس شربل الى محطات ثلاث أساسية. فحوالى 23 عاما قضاها في بقاعكفرا مع عائلته وحوالى 23 عاما أمضاها في الدير مع إخوته الرهبان وحوالى 23 عاما في محبسة عنايا منفردا ومتحدا مع الله.
وقد قررت الرهبانية اللبنانية المارونية شراء البيت الوالدي للقديس شربل على أثر ظهور الأضواء على قبره وكثرة عجائبه وتم ذلك على يد الأب جبرايل سكر أول مسؤول عن بيت القديس شربل عام 1950. ومنذ ذلك الحين يعيش في الدير الرهبان الذين ينقطعون عن الناس للصلاة والتدبير الروحي والإهتمام بالدير وأراضيه ومقتنياته. وقد تعاقب على رئاسة الدير العديد منهم إنشغلوا بتأهيله وتجهيزه للزوار والحجاج والمؤمنين.
حاليا يعيش الدير والبيت نهضة مشهود لها على الصعيد العمراني ويشهد أيضا كثافة حجاج يأتونه للتبرك والصلاة والتأمل. هذه النهضة تعود الى الإهتمام الكبير والعمل الدؤوب الذي يقوم بهما رئيس الدير الأب جوني سابا ورهبانه الأب شربل طراد ويوسف بطرس الذين يولون عناية فائقة الى كل ما يجذب المؤمنين والزوار الى الدير. وكانت مؤخرا للأب سابا اليد الطولى في إفتتاح أربع قاعات تم الإعلان عنها في اليوبيل الذهبي الذي عمت إحتفالاته في الأيام التي سبقت عيده في 19 من شهر تموز 2015 أولها كنيسة ذخائر القديسين وتضم أربع ذخائر لأربعة من قديسي الرهبنة وهم شربل، رفقة، نعمة الله والأخ إسطفان. وإضافة الى ذلك تحوي الكنيسة منصفة وشرشف للمذبح وكتونة مضمخمة بدماء وماء القديس شربل ومن محتويات الكنيسة صورة السراج التي ترمز الى بيت القديس شربل والتي رسمها الفنان جوزيف العلم ، إضافة الى بذلة للقداس كان يلبسها القديس شربل.
القاعة الثانية هي "قاعة القديس شربل" حيث يستطيع الزائر مشاهدة السراج داخلها وهي الأعجوبة الأولى التي جرت على يد القديس شربل وهو كان لا يزال حيا في دير عنايا ومفادها أن العمال الذين كانوا يعملون في الدير وضعوا في السراج الماء بدل الزيت وإذ يتفاجأ العمال بأن السراج أضيء وأكد رئيس الدير آنذاك هذه الأعجوبة. في قلب هذا السراج نجد دماء وماء من القديس شربل بالاضافة الى ذلك نجد على جدار صخري في القاعة عرضا لكل عجائب القديس شربل وتجد أيضا مجموعة من كتبه وصوره، وهناك أيضا غرفة زجاجية تضم عائلة القديس شربل بتماثيل من الحجر.
المتحف هو القاعة الثالثة التي تم افتتاحها وهو يضم أواني وعتادا من أيام القديس شربل كانت تستعمل في حياته من الصواني الى الفخاريات والجدار وأدوات الحراثة والحقل والجرن والجاروشة وغيرها.
والقاعة الرابعة هي قاعة العشاء السري تحوي تماثيل صخرية من أعمال النحات الفنان نايف علوان وهي تجسد السيد المسيح وتلاميذه وعندما تدخل القاعة تسمع بشكل آلي الكلام الجوهري باللغة السريانية ثم يليه مقتطفات من جمل وعبارات كان السيد المسيح ينشرها بتعاليمه لتلاميذه.
سابا
ويقول رئيس الدير الأب جوني سابا أن الرهبانية اللبنانية المارونية لم تكتف بهذا الحجم من الأعمال لتكريم قديسها شربل بل يتعدى الأمر الى سعيها لبناء مجمع خاص له لتكريمه وتكريم الزوار والوافدين إليه. وكل ذلك يدل على مدى التعلق بقدسية القديس شربل وما يعنيه من قيمة روحية تعلق أيقونة وتحفظ ذخيرة في رقاب وقلوب الرهبان والمؤمنين.
قديس من عندنا، من أرضنا، بيته المشع قداسة أصبح بيتنا، نتبرك من حجارته ونقصده للتضرع والشكران وطلب المغفرة والشفاء.
=============== ج.س