تحقيق فاديا دعبول
وطنية - تشهد عفصديق نهضة عمرانية وانمائية لافتة، وتستقطب اليها التجار واصحاب المهن الصناعية والحرفية لا سيما على خطها الرئيسي الذي يصل بشمزين بفيع، بحيث ان صفوفا متراصفة من المحال التجارية المزدهرة باتت على الجهتين. وما ساهم في هذا النمو قرب البلدة من المؤسسة البلمندية بجامعتها ومدارسها ومعهد اللاهوت، وتكاتف ابناء عفصديق مسلمين ومسيحيين مع المجلس البلدي والمختار والرعية. وترتفع عفصديق 350 م عن سطح البحر، وتبعد عن طرابلس 18 كلم.
اسم عفصديق
يعود اصل كلمة عفصديق وفق كاهن الرعية الاب الدكتور انطوان ملكي الى "عف الصديق"، وعف تعني القبر، اي قبر الصديق، وما يؤكد هذه التسمية وجود مكان في البلدة يدعى قبر اليهودي، وفيه صخرة محفورة تبرز كأنها قبر فينيقي. كما يوجد مكان آخر في البلدة يدعى قبر مصطفى انما لا توجد علامات تشير اليه.
ويرى الاب ملكي نظرا لتوسعه في البحث التاريخي والتراثي للبلدة "ان البلدة قد تكون اتخذت اسمها من قبو صدقة اي الصديق، وهذا القبو يعمل على اكتشافه حاليا بعد ان باشرت الرعية ترميمه ووجدته يتكون من ثلاثة اجنحة الاول اسمه قبو صدقة، والثاني قبو الخوري والثالث مجهول كونه مطموس المعالم".
ويشير ملكي ان الخوري هو جد آل سابا.
نبذة تاريخية
وجد مخطوط في الفاتيكان يعود للعام 1304 يذكر ان احدا اوقف كتبا لكنيسة مار ساسين وكنيسة السيدة بعفصديق. من هنا بدا الاب ملكي بحثه عن تاريخ عفصديق. بحيث ان القديس ساسين تعيد له رعية عفصديق في ذكرى القديس سيسوي وهو من رهبان الصحارى في مصر ويأتي بالاهمية من حيث الشهرة بعد القديسين انطونيوس، وفخوميوس، وارثينيوس، ومكاريوس. وانطونيوس غير موجود الا في بلدة قزحيا. وفخوميوس لا ذكر لكنائسه بكل انطاكيا، وارثينيوس ومكاريوس ايضا. ما يثير التساؤل لماذا سيسوي؟ وباعتقاد الاب ملكي ان سيسوي هو ساسين. وقد واجهته عدة نظريات منها وجود دير تحت دير بكفتين يتبع لدير سينا ما جعل ربما المنطقة مقصدا للرهبان. اضافة الى وجود كنائس مار ساسين في دار شمزين والحدث وعبرين". واشار الى ان "وجود كنيسة القديس ساسين التاريخية ترتبط ربما بسيسينيوس مطران طرابلس وقد شارك بالمجمع المسكوني الاول".
الا انه استنادا الى السنكسار الماروني هناك ذكر لساسين الشهيد، وهو راهب من الرهبان مستشهد في شمال لبنان من القرن الرابع. ما يؤكد وجود الكنيسة في عفصديق بالعام 1890، ويثبت وجودها ايضا في دارشمزين وعبرين والحدد.
ويرى انه في القرن العاشر بعد الاصلاح حل مكان السنكسار الانطاكي اليوناني وتحول اسم القديس سيسوي الى ساسين. وحتى العام 1575 كانت تدعى بلدة النصارى وفق سجلات الاتراك. وقد قدمت اليها العائلات الايوبية من بدبهون وكانت في العام 1519 تدفع ميرة اكثر من بشمزين وفيع نظرا لازدهارها وكثافة سكانها. الا ان عائلات كثيرة هجرتها لاحقا. ويذكر مخطوط موجود بالبلمند انه في عام 1700 كان رئيس الدير الارشمنديت فرح عيسى من عفصديق. وهو الذي اشترى رزق بيت معتوق بين زكرون وانفه وما يزال يتبع للبلمند. وبيت معتوق لم يعد لهم اثر بالبلدة. كما عائلة مهنا. وشيخ الصلح كان من عائلة كرم.
عفصديق حرقت مرتين. مرة في العام 1814 وقبلها حرقها مير دده، اذ امتنع مير عفصديق او تأخر عن دفع الميرة له، وهذه الاحداث المتتالية ادت الى هجرة الاهالي بحجم كبير. ومنطقة ابو شهاب بين عفصديق وكفرحزير لا يزال اسمها شائعا في البلدة وهي تعود الى الحريق الثاني. حينما كان الشهابيون على خلاف، هرب احدهم وخيم في عفصديق. ونتيجة الهجوم الذي تعرض له ادى الى احراق البلدة ومن حينها سمية الموقعة بابو شهاب.
ومن الاماكن المعروفة في البلدة "حقلة القتيل" وهي مدونة على غلاف كتاب موجود داخل الكنيسة منذ سنة 1736 . والسيرة تصف جريمة قتل حنا سركيس.
عائلات البلدة
اهم عائلات عفصديق سابا، عيسى، سركيس، ملكي، وهبة، سليمان، الزامر، منصور، كرم، الايوبي وحكيم وجميعهم من اصل البلدة من اوائل القرن الماضي.
الهجرة
في البلدة نسبة كبيرة من المهاجرين أسوة بكل البلدات اللبنانية. وهم موزعون باميركا واستراليا والكاريب وكندا.
المميزون
تميز من البلدة بطل مسلسل "جبار الليل" ميشال كرم. والشاب الدكتور انيس رزوق في اميركا. وغيرهم كثر في لبنان والمهجر، لا سيما ان جامعة البلمند تحتضن العديد من اساتذة البلدة الجامعيين والموظفين.
حدودها الجغرافية وعدد سكانها
يحد عفصديق بلدات فيع، بطرام، كفرحزير، بشمزين وبدبهون. عدد سكانها 700 شخص تقريبا. مئة منزل مسيحي ومئة منزل لال الايوبيين.
الرعية
تعمل الرعية على ترميم ثلاثة اقبية اثرية لتحويلها الى كنيسة. وقد وجدت خلف الحفريات رفات واثريات.
وقد عملت على توسيع كنيسة مار ساسين التي يناهز عمرها الالف سنة، وفق نوعية الحجارة وطبيعة العقد والقناطر الجانبية. وقد سبق ان عمل على ترميمها في العام 1891.
ويروي الاب ملكي انه "داخل الكنيسة كان يوجد بئر ماء. وفي تقليد شعبي كانوا ينزلون فيه المراة التي لا تلد لتحبل، وكان المير الحاكم لا يحترم الكنيسة حتى انه ذات مرة شاهد افعى فطلب من القديس ساسين ابعادها لقاء التخلي عن توت الدير وهي الساحة الجانبية للدير كانت مزروعة بالتوت وبعدها اصبح ملكا للكنيسة وتحولت الى موقف للسيارات".
ومن العجائب التي يرويها الاب ملكي هي "عندما قصدت عائلة من بشري الكنيسة لانزال ابنتها الى البئر لتحبل الام بمولود ذكر، الا ان صراخ الابنة دفع الاب ملكي الى الكنيسة لمعرفة السبب. وفوجئ بوجود صبي معهم يعاني من تشمع في الكبد. فنصحهم بعلاجه والصلاة وعدم انزال الطفلة الى البئر لان الصبي سيشفيه مار ساسين. ومن حينها اقفل ملكي البئر بعد ان عمل على تنظيفه واخرج دلوين من النقود المعدنية منه. وبعد ثلاثة ايام نقلت وسائل الاعلام خبر تعرض عائلة على طريق صيدا لحادث سير توفي فيه ابنها وتبرعوا بكبده لساسين رحمة من بشري. بعد اربعة اشهر من نجاح العملية عادوا الى كنيسة مار ساسين في عفصديق للشكر والصلاة".
وضع عفصديق الاقتصادي والزراعي
اهملت الزراعة في البلدة بسبب شركات التربة على حد تأكيد الاب ملكي، بحيث كانت تتميز باشجار التين الابيض وقد انقرض كما العنب والزيتون. ويؤكد ان 32 بالمئة من الوفيات سببها الامراض السرطانية، وهذا موثق بمسح اجرته هيئة البيئة والتراث في الكورة وجوارها.
وعملت الرعية على توقيع عريضة من جميع الاهالي، ورفعت شكوى على الشركة رفضا لمقلع ارادت اقامته على طريق بدبهون، منذ خمس سنوات، وتمكنت من توقيفه بعد مباشرة الجرف. فتعهدت الشركة حينها عدم تنفيذه واستبدلته بعملية تشجير.
البلدية
تمكنت البلدية منذ العام 2010 برئاسة طلال منصور من تنفيذ العديد من المشاريع في البلدة. لا سيما توسيع الطرقات وبناء جدران دعم وافتتاح قصر بلدية جديد. وتابعت البلدية مسيرتها الانمائية برئاسة خليل فهد سابا. بحيث شقت طريقا بين عفصديق وبطرام بالتعاون مع اتحاد بلديات الكورة، وطريق اخر يربط فيع بعفصديق. وانشات حديقة عامة. وعينت شرطي بلدية وعامل تنظيفات. وبدعم من شركة الترابة الوطنية امتلكت البلدية سيارة للشرطة بعد ان تم التوافق على تخفيف الشركة من نسبة الغبار الملوث في المنطقة وتشجير منطقة الشفق.
واشار سابا الى ان "البلدية تدعم مستوصف جمعية نساء عفصديق، وجميع نشاطات الجمعية، اضافة الى انها قدمت لهم مركزها البلدي السابق".
وطالب الدولة بصرف اموال الخليوي لتتمكن البلديات من القيام باعمالها الانمائية على اكمل وجه. لا سيما انها تقوم مكان وزارات الدولة بصيانة الطرقات العامة لتردي وضعها.
ونوه ب"ابناء البلدة، مسلمين ومسيحيين، وحرصهم على مصلحة عفصديق، وعملهم يدا واحدة لرفع شأنها".
المختار
واشاد مختار البلدة يعقوب جرجس يعقوب الزامر بعفصديق وقد تحولت من بلدة صغيرة الى اخرى امتدت على التلال وتوسعت ونمت بفضل جهود اهلها والمجلس البلدي وتظافر جميع الجهود لاعلاء شأنها".
والزامر يتعاون مع الجميع في البلدة، ويسعى دوما لتقوية اواصر العلاقات بين الجميع لما فيه خير البلدة. وخير شاهد على الدور الفاعل الذي يقوم به تجاه البلدة هو محافظته على المخترة منذ العام 1998.
والنداء الذي يوجهه هو لشركات الترابة للتخفيف من وطأت الغبار المنبعث منها والمضر للاهالي، وتنفيذ وعودهم بتنفيذ مشاريع التشجير التي وعدوا بها.
وتنتشر في البلدة المجمعات السكنية والفلل، كما المحال التجارية على انواعها، ومناشر الحجر والمفروشات الخشبية، والافران، وصناعة الصابون، والتصوير، ومحطة محروقات، ومكاتب هندسية وتأمين وملاحم، وملعب رياضي، اضافة الى تربية النحل وغير ذلك كثير.
كما ان في البلدة كنيسة وجامع والاهالي يتشاركون المناسبات العامة والدينية.
=================== ر.ي.