تحقيق رانيا الدويهي
وطنية - بسلوقيت اسم مشتق من أصل سرياني معناه الصاعدة أو العالية وهي في الأصل بية سلوقية وتكتب في اللغة العربية بيت سلوقيتو، ومعناها مكان الصعود ذلك لأن كلمة بيت تعني مكان وكلمة سلوقيتو تعني الصعود ومع مرور الزمن وتسهيلا للفظ تحولت الى كلمة بسلوقيت كما كتب وتلفظ اليوم.
موقعها
تقع بسلوقيت في لبنان الشمالي قضاء زغرتا على ارتفاع 1250 متر عن سطح البحر وعلى مسافة 114 كلم عن بيروت العاصمة وعن عاصمة الشمال طرابلس 35 كلم، للوصول اليها من بيروت: جونية - جبيل - البترون - شكا - أميون - سرعل - اجبع، أو من طرابلس - زغرتا - كرمسدة - أيطو - اجبع.
تحيط بها اهدن وحرش اهدن واجبع وتولا. لها مجلس بلدي مؤلف من تسعة أعضاء ولا يتعدى عدد سكانها ال 300 نسمة وذلك حسب لوائح الشطب الانتخابية.
الواصل الى بسلوقيت والمتأمل بها يراها فعلا صاعدة الى العلاء كأنها تطال اهدن الرائعة لتنتقل منها الى أرز الرب، رمز الخلود والعنفوان على امتداد الايام والتاريخ. ويتردد بأن بسلوقيت أيضا هي عروس للمصايف، ولسببين أولهم للسحر ووالخضرة التي تكسبها لونا يبهج الانظار ومناخا طبيعيا، فكما هي واقفة على سفح جبل، تحيط بها أيضا جبال كثيفة بشجر الشربين والصنوبر والسنديان وغيرها، أما بيوتها فمنتشرة بين الاشجار المثمرة من اجاص وتفاح ودراق وغيرها، وأراض خضراء يرويها نبع مارسركيس وباخوس مع وجود شبكة مياه تغذي المنازل. أما السبب الثاني، فلغزارة المياه فيها.
وتمتاز بقدر كبير من عيون المياه يصل عددها الى 26 منها: عين الياس، عين بو زهرة، عين سكيك، عين بو صالح، عين الذهب، عين رشوان وعين بو نعمة...
اشتهر أهالي بسلوقيت بحبهم لأرضهم، فهم من خلال أجدادهم حولوا الصخور الى تراب وجنائن وزرعوها بداية بالحبوب والبطاطا ثم شجروها بالأشجار المثمرة التي سبق وأشرنا اليها، قسموا قريتهم الى مناطق متعارف عليها فيما بينهم كمنطقة برعل وهي مكان على قمة الجبل الذي يعلو القرية كما هناك منطقة عين سكيك نسبة الى العين الموجودة فيها والتي تغذي منطقة اجبع بالمياه ودير مار جرجس التابع للمطرانية المارونية - طرابلس وأيضا منطقة السهلة وهي ارض مسطحة وسهلة ومنطقة مصب الدير والمنيدر والمرج والنبع وغيرها الكثير من الاماكن.
عائلاتها
يقال ان أهالي بسلوقيت أتوا اليها في أوائل الجيل السابع عشر عندما طرد الموارنة المتاولة من الجبة، لكن الدراسات تؤكد انهم سكنوها قبل هذا التاريخ اي في القرن السادس عشر وما قبل وعائلاتها هم: رشوان المتفرع منها عائلات حبيب، ميلان، هيكل، الجبوري، فضول، صقر، بو أنطون وغنطوس، وعائلات بو موسى، معوض، شبشول، سعد، بو نعمة، اضافة الى عائلات سكنت حديثا فيها: اسكندر، نكد، زيدان، يزبك، كرم، الصايغ، دحدح، آدم، ريمي، معاز، عاقلة، رحمة، واكيم...
أما بالنسبة الى كنيسة الرعية فهي مسماة بإسم القديسين الشهيدين مار سركيس وباخوس، ويقول التقليد بأن أولى العائلات التي دخلت الى القرية أسست كنيسة صغيرة على اسم الشفيعين، لكن من الثابت انه منذ ثلاثماية سنة رسمت صورة الشهيدين سركيس وباخوس واعتنى بها الخوري بولس معوض من بسلوقيت وهي الصورة الحالية في الكنيسة وفي العام 2005 اقيم احتفال على أثر مرور حوالي الثلاثماية سنة على انجاز هذه الصورة التي باتت تعتبر أثرية وتراثية. اما الكنيسة الحالية فيعود بناؤها الى سنة 1929 في عهد البطريرك الراحل انطوان عريضة وبسعي من أهالي القرية مقيمين ومغتربين. والى جانب الكنيسة كان هناك مدرسة مأهولة من ابناء الرعية عندما كان جزء منهم يمضي فصل الشتاء فيها ورخصتها هي اولى الرخص التي كانت تدعى رخص مدارس المطران كما يلاحظ وجود قاعة كبيرة بنيت من أموال ابناء الرعية المغتربين التي تستعمل لمختلف المناسبات. ويلفت الداخل الى بلدة بسلوقيت مزار رائع للقديسة رفقا الذي بني أيضا بدعم من أحد أبناء البلدة المغتربين ليصبح تاريخ بناء هذا المزار في 24 تموز هو تاريخ عيد دخول القديسة رفقا الى القرية في كل عام.
رجالاتها
أعطت بسلوقيت رجالا مهمين في مختلف المجالات: دينيا، فكريا وثقافيا فهم على سبيل المثال لا الحصر:
- المطران جرجس البسلوقيتي الذي لعب دورا هاما بتاريخ الكنيسة المارونية لما كان يتمتع به من حكمة وقداسة وحسن تدبير وهو رقي الى درجة رئاسة الكهنوت على الشام على يد البطريرك مخائيل الرزي وقد قام بأدوار ورحلات كنسية مهمة في أواسط القرن الخامس عشر كما ذكر كتاب "الجامع المفصل في تاريخ الموارنة" للمطران يوسف الدبس.
- الأب يوسف البسلوقيتي: وقد ذكره البطريرك الدويهي في احدى مؤلفاته وقد فاضت رائحة فضائله وقداسته من الوادي المقدس الى كل القرى المجاورة حتى وصلت الى قلاية البطريرك مخائيل الرزي.
بالاضافة الى العديد من تلاميذ المدرسة المارونية اللامعين بعلمهم وادوارهم الفلسفية واللاهوتية والتي تأسست سنة 1584 منهم: مخائيل صليبا، يعقوب بن هلال، يوسف داود بن هلال البسلوقيتي.
- يوسف سركيس زعيتر - شاعر القرية 1922 - شاعر كان يقوم بالقاء الشعر في مختلف المناسبات واستحق عن جدارة لقب شاعر القرية الجميلة وهو صاحب ديوان شعر يبلغ عدد بيوته الى الآن 4000 بيت كما أنه كان يعتبر في ريعان شبابه الوحيد الذي يعزف على آلة موسيقية من بين أبناء القرية وهي الكمنجة.
هي بسلوقيت تلك القرية الجميلة والساحرة من قرى جرد قضاء زغرتا والتي تبهر بصر الداخل اليها من شدة روعة المساحات الخضراء المحيطة ببيوتها وككل مناطقنا وقرانا تبقى الملجأ والمقصد لكثير من ابنائها مقيمين ومنتشرين طالبين الراحة والاستجمام ومستذكرين تاريخ قريتهم النقي، المفعم برائحة محبة أهلها لبعضهم البعض.
... كيف لا؟؟، وهم لا يفوتون فرحة الدبكة والابتهاج وأكل الهريسة المباركة في عيد شفيعي البلدة القديسين سركيس وباخوس والذي يقام في أول أسبوع من شهر تشرين الأول ساهرين حول نار المحبة والالفة التي ما يزالون يتميزون بها.
====================== ر.ي.