تحقيق: فريد بو فرنسيس
وطنية - فوجىء معظم زوار كنيسة سيدة زغرتا الاثرية، في اسبوع عيدها السنوي، بالمشهد الرائع الذي حول الشارع المؤدي الى الكنيسة، من شارع تقليدي قديم، الى شارع نموذجي، ألفه الناس بسرعة، واندهشوا بما رأته أعينهم، فالمشهد تبدل كليا، وأضحى الشارع النموذجي يوازي أهم شوارع لبنان القديمة وأرقاها، ولانه الأقدم في زغرتا، ولان ساحاته تتسع لاهالي الحي شبابا وكهولا وصبايا يجلسون على حافة منزل او جدار هنا او على مقعد هناك، بالاضافة الى مؤمنين يسيرون في عملية حج يومي الى كنيسة السيدة الاثرية في الحي من كل الاحياء والزواريب في زغرتا، الى سواح يقصدون الحارة العتيقة ومغتربين زغرتاويين ما ان تطأ اقدامهم ارض لبنان حتى يتوجهون للصلاة لدى شفيعة البلدة، قررت حركة شباب زغرتا الزاوية ان تطلق مشروع ترميم المنازل القديمة في الحي بمجهود فردي، اذ باشر اعضاؤها نقر الجدران باياديهم لنزع الاسمنت عنها واعادتها الى قدمها ويتعاونون مع عدد من العمال لاعادة جمالية الحجر الى ساحة الكنيسة والمنازل المجاورة.
ويقول بيار سليمان الدويهي وهو احد اعضاء الحركة "ان اختيار حي السيدة جاء كون الحي يعبق بشذى التاريخ العريق ما دفعهم الى إزالة الغبار عن هذا المكان وجعله قبلة تليق بشفيعة المدينة عبر تجميل البيوت المحيطة بالكنيسة وبالتالي جعله حيا نموذجيا". واضاف: ان هذا الحي القديم يحمل في جدرانه ذكريات وتاريخ زغرتا، المدينة التي أنجبت الأبطال والعظماء، مجهود فردي البس الحي القديم حلة جديدة براقة وجعله محط انظار الجميع".
"حركة شباب زغرتا - الزاوية" اسم جديد في المنطقة بات للحفظ، وهو كان بدأ يتسرب الى يومياتنا من باب مواقع التواصل الاجتماعي، بما راح ينشره من نبذات، وسير ذاتية، ومن خلال سعي أعضاء الحركة لتنشيط السوق التجاري في مدينة زغرتا. الا انهم بدأوا، منذ أواخر حزيران الماضي، يدخلون بقوة أشد الى واقعنا، من باب الجزء القديم من المدينة المحيط بكنيسة سيدة زغرتا. وهي اول كنيسة بناها اهالي اهدن، عام 1516، بعد نزولهم الى مشتاهم زغرتا، وبنوا من حولها مساكنهم ومتاجرهم ومدارسهم، قبل ان تتمدد عمرانيا في اتجاهات شتى.
وقد حرص أعضاء الحركة على انهاء الخطوة الاولى من مشروعهم العمراني الهادف الى اعادة تأهيل حي السيدة، والشوارع المتفرعة عنه، قبل حلول عيد السيدة المصادف في 15 آب. واستطاعوا بالفعل أن يتخطوا كل ما واجههم من عقبات، وان ينفذوا خطوتهم الاولى هذه بنجاح، مسترعين الانتباه الى ما يمكن أن تصير اليه هذه المباني القديمة المتلاصقة، حيث الحائط الى الحائط، والشرفة حد الشرفة، والشباك يصافح الشباك، فيما لو أعيرت الانتباه اللازم.
وهم اذ يتطلعون الى القيام بالخطوات التالية من مشروعهم، بدعم من الخيرين وخصوصا أبناء زغرتا المغتربين، وبدعم من البلدية التي سارعت الى مد يد العون، بامكاناتها المتاحة، لا بد ان يكونوا قد لفتوا الانتباه العام، باندفاعهم وغيرتهم وغيريتهم. الجزء المعالج الذي لبس لباس العصر بألوانه المزركشة التي أضفت عليه رونقا وجمالية وحياة، وهو انتباه مطلوب من اجل ابقاء ابناء هذا الحي ولا سيما الشبان منهم، مشدودين الى الامكنة التي تحتضن جذورهم في الارض، ومطارح نشأتهم، ومرابع طفولتهم. فضلا عن احاطتها بكنيسة شفيعتهم، احاطة السوار بالزند.
حيطان جردت من قشرتها الاسمنتية ليظهر الحجر بكامل اناقته، وعنفوانه المتحدي للزمن، ابواب ونوافذ استرجعت ألوان الماضي، أواني زهر متدلية، مصابيح، أرصفة، وقسم من طريق استبدل زفته بالبازلت الاسود، وسوى ذلك من تفاصيل التأهيل، رسمت في أعين الاهالي نموذجا عما يمكن أن تنتهي اليه الشوارع، والزواريب، والازقة، فيما لو تواصلت نخوة الحركة، وتوفرت لها امكانات المتابعة، لتوسيع رقعة الاهتمام بما عتق من زغرتانا، ويستدعي منا جميعا عناية خاصة. وفي اي حال، فان ما أنجز، حتى الآن، على محدوديته، يشكل سببا كافيا للدعاء ل"حركة شباب زغرتا - الزاوية"، بالاستمرار، وللشد على أيدي أعضائها المندفعين.
======= ن.م