تحقيق فريد بو فرنسيس
وطنية - "ارده" احدى البلدات الكبرى التي يحتضنها قضاء زغرتا وتعتبر مدخلا رئيسا لقضاء الضنية من جهة طرابلس، تحيط بها بلدات كفردلاقوس ورشعين ومرياطه ويمكن الوصول اليها عبر مداخل هذه البلدات.
تشتهر "ارده" بتاريخها الاثري القديم، الذي لا يزال غامضا الى الان، خصوصا ما يعرف فيها بـ "التلة الاثرية". ويروي الدكتور حسان سركيس، في كتاب نشره عن بلدة أرده باللغة الفرنسية حمل عنوان :"أرداتا، أرده في لبنان الشمالي" العام 1972، "أن أرده بلدة كنعانية، وأن لوائح وكتابات "تل العمارنة" التي اكتشفت في مصر ونشرت سنة 1915 بدأت تظهر معالم هذه البلدة التاريخية، فوردت فيها سبع مرات باسم " أرداتا".
فقط القليل من أهالي البلدة يدركون قيمتها الاثرية، ويلاحظون وجود بقايا قديمة تحت أقدامهم، وكانت تدور قصص كثيرة عن وجود دهاليز وكنوز مطمورة في جوف الارض، مما شغل بال العديد من أهاليها. أبرز معالم هذه المنطقة "العسكرية" بحسب تلك المكتشفات تعود الى فترة حكم الفرعون المصري تحوتمس الثالث. وفي فترة الحكم الصليبي ظهر اسم أرده في بداية القرن الثاني عشر م. وهناك وثيقة مؤرخة بتاريخ 8 شباط 1128 تقول :"بون PONS كونت من طرابلس وزوجته Cecile يهبون ابنهما ريمون الثاني ممتلكات في الضفة اليمنى من نهر أبو علي ومزارع في مجدليا وأرده وعلما".
ويؤكد الدكتور سركيس أنه من خلال المكتشفات الأثرية التي عثر عليها من خلال التنقيب أو من خلال مكتشفات الأهالي عن طريق الصدفة، أن تاريخ البلدة قديم جدا ويعود الى العصر البرونزي الوسيط والعصر الحديث.
بقيت أرده تذكر في التاريخ في حقبات لاحقة أبرزها ما ورد في النصف الثاني من القرن السابع عشر من أن خادم هذه الرعية كان الخوري اسطفان الدويهي (البطريرك العلامة لاحقا)، والذي كان له الفضل في إنشاء كنيسة مار سركيس وباخوس فيها، ثم في سيامة كاهنين من أبنائها عندما صار اسقفا. ثم ورد ذكرها باستمرار في أرشيف الدولة العثمانية على مدى أربعة قرون على أنها قرية آهلة، مع ذكر عائلاتها كافة وأنواع زراعاتها وقيمة الضريبة المستوفاة منها.
تحوي بلدة ارده اليوم مراكز تجارية عدة، تساهم في نهضتها الاقتصادية، وكنائس ابرزها كنيسة مار جرجس الاثرية، ومدرسة رسمية واخرى خاصة شبه مجانية من سلسلة مدارس مطرانية طرابلس المارونية. وتحاول أرده اليوم العودة إلى الأضواء من خلال الدلالة على اهمية آثارها، ومن خلال نهضة عمرانية بدأت تسري في شوارعها وحاراتها، إذ ازداد عدد منازلها بشكل لافت، وكذلك المشاريع الصغيرة والكبيرة، واليوم تطل ارده على السياحة من بابها الواسع عبر منتجع "واترلاند" السياحي الذي بات قبلة انظار السواح وكل من زاره من الاقضية الشمالية، فيما عمد الصندوق الماروني الاجتماعي إلى انشاء مجمع سكني فيها يضم اكثر من 75 مسكنا لتشجيع الشباب على الزواج واقتناء مسكن.
بلدية ارده في قضاء زغرتا، هي من البلديات المركبة في لبنان، بحيث تضم اربع بلدات هي: ارده، حرف ارده، بيت عوكر، بيت عبيد، وبالتالي هذا الامر يحتم على المجلس البلدي مضاعفة العمل من اجل الاستمرار في النهوض في البلدية وتأمين استمرار الانماء بشكل متوازن في البلدات الاربع.
وشهد المجلس البلدي الحالي في ارده برئاسة جورج نعوم، سلسلة اعمال كانت تشكل اولوية بالنسبة الى الاهالي والسكان، اهمها موضوع النظافة العامة، وكل ما يتصل به من جمع للنفايات بشكل منظم، الى تنظيف الشوارع بشكل دوري، ونزع الاعشاب اليابسة والاوساخ عن جانبي الطرق العامة، الى رش للمبيدات السامة خاصة في الاماكن القريبة من المنازل ومن الانهر والمستنقعات، وذلك منعا لانتشار البعوض والحشرات السامة، الى تنظيف اقنية الري، ومجاري الصرف الصحي.
ويشير نعوم الى ان "البلدية، اضافة الى ما ذكر، تقوم بصيانة دورية وعامة لكل ما يمكن ان يطرأ من اعطال على اقنية الري، وعلى مجاري الصرف الصحي، واهمها عملية التنظيف الواسعة التي قمنا بها لنهر الشرندي، والذي كاد يتسبب بمشكلة بيئية كبرى"، كاشفا عن "مشروع لترميم ادراج التلة الاثرية الذي يعتبر مشروعا حيويا وهاما، وقد انتهت الخرائط اللازمة والدراسات ونحن بصدد اتخاذ قرار البدء بأعمال الترميم". لافتا "الى ان هذه الادراج سوف تغني الاعمال الثقافية في البلدة بحيث يمكنها استضافة المعارض والاعمال الثقافية".
============ ن.م