تحقيق عبيدة محروم
بلدة وادعة مستلقية بدلال في حضن القرى المحيطة بها، مزهوة بخراج واسع يزنرها بأشجار الصنوبر وبوشاح يلفها بأشجار الزيتون ونبعين، تغفو على رقرقتهما.
إنها بلدة بطشاي في ساحل المتن الجنوبي في منخفض يطل على ما كان يعرف بصحراء الشويفات، تحدها شمالا بعبدا التي لا تبعد عنها سوى كيلومتر واحد، تتاخمها جنوبا قرية المرداشة التي هي توأمها، وقد أنضوتا عام 1989 في بلدية واحدة لصغر مساحة كل منهما. كما تقع أيضا على تخومها قرية كفرشيما، وغربا سبنيه التي كانت مقرا للشهابيين، وشرقا وادي شحرور وحارة الست.
تمتلك بطشاي خراجا واسعا يمثل أضعاف مساحتها، ويشتمل على أحراج الصنوبر المثمر والزيتون، وكانت تشتهر ببساتين التوت التي رافقت ازدهار صناعة الحرير فيها، ثم استبدلت بزراعة الحمضيات على أنواعها وبالاشجار المثمرة على اختلافها. وفي القرية نبعان جاريان هما العين الفوقانية والنبعة. وعرفت بطشاي بكثرة إنتاجها من الزيتون، فأقيمت فيها معصرة ومعمل للصابون ومشتقاته، وتوقفت المعصرة عن العمل منذ فترة قريبة، أما المعمل فتوقف عن العمل منذ زمن بعيد.
تسميتها
تعود تسميتها الى اللغة الآرامية، وقد اختلف الذين فسروها، فمنهم من قال إنها تعني "بيت الشيخ"، وبقي هذا التفسير ضعيفا لأن تسميتها كانت قبل أن يشتريها المشايخ الذين عمروها وسكنوها. ويمكن رد الاسم الى اللغة السريانية، ومعناه المخبأ والمخفي من النظر، أو "بيت توشيا" أي مكان المختبئين الكامنين.
تاريخها
كانت بطشاي عبارة عن مزرعة اشتراها مشايخ آل نفاع من الامير علي حيدر شهاب سنة 1763 بكيس واحد، أي بخمسمئة قرش. وكان جدهم جرجس مخايل مراد الكفوري قد اشترك الى جانب الأمير أحمد المعني سنة 1664 بموقعة الغلغول التي حصلت بين القيسيين واليمنيين، فأبلى البلاء الحسن ونال من الامير لقب "الاخ العزيز"، وولاه مقاطعة الغرب الادنى بعدما عزل عنها الأمراء الارسلانيين. فتولاها هو وأبناؤه وأحفاده من بعده الى سنة 1748 على تقطع، حيث كان يتولاها أيام فوز القيسيين ويعود اليها الارسلانيون زمن فوز اليمنيين، الى أن عادت اليهم سنة 1748 وبقيت لهم حتى أخذت جميع الاقطاعات من أصحابها.
معالمها
لم يبق في بطشاي من آثار تدل على تاريخها القديم سوى بضعة نواويس متناثرة قرب بعض المغاور والكهوف التي تقع في تخومها، مما يدل على أنها كانت قد شهدت نشاطا حضاريا في القرون الماضية، غير أن أحدا لا يستطيع تحديد هذا الزمن، نظرا الى عدم وضوح الدلالات الأثرية.
ومن معالم بطشاي القديمة الباقية كنيسة بشارة السيدة العذراء التي وضع حجر أساسها المثلث الرحمة الرحمة المطران غفرائيل شاتيلا سنة 1876 وكرسها ودشنها سنة 1880 كما يستدل على نقش باب الكنيسة.
عائلاتها
ينتمي سكانها في الأصل الى عائلات ثلاث هي آل نفاع وآل اليازجي وآل عرموني. وأول من سكنها كان آل نفاع الذين اشتروها ثم سكنوها منذ 1780، ثم عام 1840 جاء أنسباؤهم اليازجيون وسكنوها، وهم أحفاد نجم سعد اليازجي، وكان لسعد ابنان آخران هما جنبلاط جد فرع كفرشيما الذي منه الشيخ ناصيف وأبناؤه، وباز الذي تحدر منه فرع بيروت الذي اشتهر باسمه، ومنهم الكاتب والاديب جرجي نقولا باز. وبسبب أحداث 1860 تهجر سكان عرمون الغرب فجاءت مجموعة منهم الى بطشاي وعرفوا فيها بآل عرموني. وقد عملت هذه العائلات في الزراعة واستثمار الأراضي، وزراعة الزيتون وصناعته وزراعةالتوت وتربية دود الحرير.
موقعها
تبعد بطشاي عن بيروت 11 كيلومترا، أما مساحتها فهي 572127 مترا مربعا، والمرداشة 230193 مترا مربعا. وسكانها من الموارنة والروم الارثوذكس والكاثوليك. وبحسب إحصاءات وزارة الداخلية، فيها من الموارنة 170 ومن الروم الارثوذكس 115 ومن الكاثوليك 20.
© NNA 2011 All rights reserved