تحقيق فاديا دعبول
بلدة كفرحزير من قرى الكورة الخضراء الاكبر مساحة، تعود بتاريخها العريق لعهود قديمة لاستعمالها ممرات سرية خلال الحروب والغزوات، ووجود نواويس حجرية منقوشة باليد. وكفرحزير تشد الزائر اليها لكرم ضيافة اهلها وتمسكهم بتقاليد وعادات الاجداد وميلهم للفرح وحب الحياة، ومن يزور هذه البلدة مرة يعيد الكرة لانها تعشعش في الذاكرة وتحيا في القلب والبال.
موقعها وطبيعتها
يمكن لقاصد البلدة الوصول اليها اما عن طريق بيروت - شكا - كفرحزير، او اميون - كفرحزير، او بطرام - بشمزين - كفرحزير، او كفرحاتا - كفرحزير، او فيع - عفصديق كفرحزير، وهذا الانفتاح على مختلف البلدات جعلها مركزا سكانيا مهما بمساحة اجمالية تقدر ب12.107.686 متر مربع، وتضم منطقتي المجيدل وعين قاش التاريخيتين تتمتع بمناخ معتدل، اذ انها تعلو عن سطح البحر 350 مترا وتتميز بطبيعة خلابة، ومناظر ساحرة مطلة على الاودية، وسهول الزيتون، وكروم العنب والتين، والمراعي ، والهضاب، وضهور مشجرة بالسرو والشربين..وهي تبعدعن بيروت 67 كلم شمالا، وعن طرابلس 19كلم جنوبا، وعن أميون 2كلم شمالا.
اسمها
اسم كفرحزير، يتفق المعنيون على انه يعود الى الاله الكنعاني أوزير او أوزيريس وهو نفسه الاله الفينيقي ادونيس، وأصل الاسم كفار أوزير أي قرية أوزير، والاحتمال الثاني لتفسير معنى الاسم كفار من كفرا السريانية التي تعني القرية وهزيرة يعني الخنزير لكثرة الخنازير البرية فيها.
كنائسها
يوجد في كفرحزير كنائس عديدة أثرية اهمها كنيسة مار ثيودوروس التي تقوم في قلب الحارة القديمة وترتفع عن بيوتها وترتكز على حجارة قديمة وكبيرة تعود لهيكل اقدم عهدا لعام 1263 قبل الميلاد، داخلها عقد حجري تبدو عليه آثار ترميم من فترات مختلفة، وميزتها وجود صحن واحد يقوم على قناطر جانبية مع حنيتين في الهيكل للشهداء الفرسان العسكر مارثاودوروس قائد الجيش ومار جاورجيوس حسب النمط السائد في الفترة الصليبية العائد لها البناء، وهو يشكل وحدة معمارية مميزة مع ما كان يحيط به من أقبية قديمة ويحتمل انها كانت تزين السقف والحيطان ايقونات جدارية زالت كما ازيلت الشعرية المخصصة للنساء وبقيت الايقونات الخشبية. وتحتضن الكنيسة مدافن البلدة حاليا وقربها مدافن الكهنة، كما ان حول الكنيسة اقبية وعقود متلاصقة، كانت في ما مضى متصلة عبر ابواب وممرات سفلية لتشكل وحدة دفاعية عند وجود خطر ما على اهلها، ويوجد بينها كل انماط العقود المعمارية، وقد استعملت في الايام العادية كمخازن زراعية او معاصر او افران او اسطبلات وغيرها..كما تنتشر فيها آبار وصهاريج مياه..
دير مار يعقوب الذي تقام فيه القداديس والصلوات في ايامنا الحاضرة مكون من الكنيسة الرعائية الكبيرة وملحق بها ابنية تعددت استعمالاتها عبر الزمن - قلالي، سراي، مدرسة، مركز رعائي وصحي اجتماعي. وتتألف الكنيسة من ثلاثة عقود مصلبة عالية، وعلى واجهاتها آثار ترميمات وتعديلات معمارية، من النوافذ والقناطر وقبة الجرس ذات الزخارف المميزة ومنها سلسلة حجرية منحوتة من حجر واحد. وكان في الجهة الخلفية شعرية للنساء على مستوى اعلى ازيلت ومعها الدرج المؤدي المؤدي الى المبنى الملاصق غربا. وهذه الكنيسة بنيت من قبل آل الدالي في القرن 18 وما تزال شواهد قبورهم عليها وارتبط تأسيسها بعجيبة تدفق المياه جنوبي شرقي الهيكل حيث البئر الذي يتبارك المؤمنون من مياهه. ويحتفل بعيد القديس يعقوب في 23 تشرين الاول. وتحتوي الكنيسة على ايقونات ثمينة.
آثارها
هناك مواقع في البلدة تعود الى الفترة الهيلينية الرومانية كالمدافن والمعاصر والاجران الحجرية، ويرجح ان تكون اقساما من بعض الكنائس التي تعود الى الفترة البيزنطية. ومن الاثار المهمة في البلدة المدافن القديمة وتضم الواحدة منها غرفة منحوتة في الصخر يتم الدخول اليها عبر باب مقفل بالواح حجرية، لا تزال مواضع تثبيت مزلاجاتها بادية على أطرافها، ومنها الى مدخل وسطي تتوزع حوله نواويس محفورة في الصخر تعلو كل منها حنية، ويفصلها عن باحة المدخل جدار رقيق منخفض، وفي بعضها ناوسين فقط من ناحيتي المدخل. وروي انه عثر على مدافن في البلدة من نوع آخر كانت تحتوي على هياكل عظيمة.
تنتشر في ارجاء كفرحزير مبان ومعاصر حجرية قديمة، خصوصا في الحارات المحيطة بمار ثيودوروس، حتى انه توجد في مواجهة الدير معصرة كانت وقفا له وتدار بقوة الانسان. ويذكر عن لسان قدس الاب جبرائيل فاضل انها كانت تعصر مئة تنكة زيت في اليوم الواحد.
المدرسة - السراي
في جوار كنيسة مار يعقوب بناء مؤلف من طبقتين ألصق بالواجهة الغربية منه واخفى نوافذ الانارة الثلاث فيها، الطبقة الارضية عقود قصبة، كانت تستعمل اسطبلا، واليوم تستعمل قاعات رعائية تابعة للكنيسة، يصلها درج داخلي بالطبقة العليا الى ليوان مفتوح حوله غرف صغيرة معقودة، استعملت قلالي وغرفا للسكن ثم صفوفا للدراسة يقابلها شمالا جناح مستقل مكون من عقدين واسعين كانت للدراسة، تحتهما قبو استعمل سجنا للسراي. واضيف لاحقا جناح آخر مكون من ديوان مفتوح فيه مقعد حجري، حوله غرفتان بجدران حجرية حاملة وسقف من العوارض الخشبية - ازيل لاحقا. وكانت مكاتب للقائمقام وللمحكمة تحول المبنى الى مدرسة وقفية ثم مدرسة رسمية، واخيرا الى مركز للخدمات الانمائية والاجتماعية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية بعد اضافة ابنية حديثة عليه.
عائلاتها
برز من سكان البلدة في الفترة العثمانية عائلة الدالي (رتبة عسكرية )، وشارك هزيم بن سليمان الدالي في التزام الكورة عام 1763 مع انسبائه مشايخ آل العازار في اميون وعبرهم مع العائلة الايوبية تفرعت العائلة الى عدة عائلات وهي الياس، تامر، حنا، رعد، سابا، سعادة، سليمان، طنوس، عبدالله، فاضل، فياض، ملحم، نصر، وهبة، يزبك، ويوسف. هذا اضافة الى ان كفرحزير تجمع عائلات اخرى وهي : زخريا، شلهوب، الخوري، شهدا، بطرس، عكر، البشور، ضاهر، مخلوف ، موسى، نصر، نقولا، يعقوب، عودة، ابراهيم، الحواط، الخوري، الدجيجي، الياس، عبد المسيح، نخول، سليم، جروش، عيسى، السعود، جبور، روفايل، ساسين، ناصيف، ناصيف، وهبة، يعقوب، متري، ومخائيل.
نزح من كفرحزير عدة عائلات اهمها عائلة طراد. وبرز من سكانها عبدلله روفائيل رئيس محكمة الكورة بعد الحرب العالمية الاولى، واشتهر من موظفي الفترة العثمانية ملحم حنا ملحم كاتب محكمة اميون 1905 وابراهيم الاشقر وابنه .
ولجأت اليها عدة عائلات من اديان مختلفة، ويذكر التقليد الشعبي مواقع سكنها: بيت المتاولة (عند آل جحا)، بيت الدروز (عند اسعد جحا)، بيت اليهود ( عند يعقوب سليم طربيه)..
الخدمات
من أبرز النشاطات القائمة في كفرحزير: مركز الخدمات الانمائية والاجتماعية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية - رابطة آل الدالي -مؤسسة كيبرس للطاقة الشمسية- محلات العيناتي- مطعم الاوكتاغون -بيتزا نابولي- مطبعة كفرحزير- صيدلية الندى- مطعم الكاميليون- مزارع على انواعها- مشاتل زراعية- مراكز تجارية كبرى على انواعها- معرض للسيارات..
مياه كفرحزير
المياه في كفرحزير واسعة الانتشار من النزازات الشتوية الى العيون المتفجرة، واشهرها عين ايقاش في الوادي الغربي، وعين ميقلون قرب نهر العصفور، وعيون الجديدة، والراهب، وكفرا الفوار، وبونعوم، والحور، وقمر الدين، والنقاطة، ولحمين، والشرفة..وتخترق الاودية ومجاري المياه الاراضي الغربية لتصب في نهر العصفور، او في نهر الشرفة، وتتساقط في بعضها شلالات موسمية جميلة. وفي وسط البلدة الرامية، حيث كانت تتجمع مياه السيول، وتروي قطعان الماشية ودواب المسافرين، وفيها بئر ماء وتتعدد الابار والصهاريج في الحارات واشهرها بئر مار يعقوب.
المجلس الاختياري
في زمن المتصرفية كان شيخ صلح بلدة كفرحزير الياس جبرائيل عكر ومختارها الشيخ حنا مخائيل عودة، وبعد ان توفي الاخير تعاقب كل من المختارين المرحومين معوض ملحم في تموز 1922، عبدالله يعقوب الخوري، أمين نقولا نصر الدالي في 3 نيسان 1928، سليم نقولا زخريا، جرجس مخائيل جحا، ابراهيم سليم طربيه، وعند وفاة هذا الاخير، رفض عضو المجلس الاختياري آنذاك تسلم ختم المختارية، وبقي المركز شاغرا حتى انتخابات 1998حين فاز المختاران الحاليان نصر اسكندر نصر وشهيد قسطنطين جحا.
المجلس البلدي
وكانت كفرحزير من اوائل القرى التي انشئت فيها بلدية زمن المتصرفية قبل 1906، وحين اعيدت البلديات ايام الانتداب كانت من اوائل القرى التي انشئ فيها مجلس بلدي عام 1941. وفي العام 1946 تولى رئاسة مجلسها المرحوم نجيب عبدالله روفائيل حتى 1960 ثم تعاقب على الرئاسة كل من المرحومين انطانيوس عودة من سنة 1961حتى 1963 وقسطنطين العيناتي من سنة 1963 حتى 1968. وبعد استقالة هذه البلدية تولى قائمقام الكورة القيام باعمال المجلس، وكان الايكونوموس الاب جبرائيل جرجس فاضل يقوم فعليا بادارتها من سنة 1968 الى 1996 فقد كان كاتب البلدية وامين الصندوق.
وفي سنة 1999 تم انتخاب مجلس بلدي جديد يتألف من 12 عضوا، فاز نبيه عودة برئاسته. ثم كانت استقالة وانتخابات فرعية أوصلت فوزي سليمان سابا الى الرئاسة في نيسان 2002، وتولت غنوة فرج عبيد وظيفة كاتب البلدية الى حين استقالتها عام 2001، وتولى سمعان مرشد عودة وظيفة أمين الصندوق ، وعين نقولا عارف عودة وايلي مرشد عودة شرطيين بلديين. وفي انتخابات 2004 عاد نبيه عودة رئيسا وما زال حتى اليوم وعين سمعان مرشد عودة كاتبا وامينا للصندوق.
© NNA 2011 All rights reserved