تحقيق عبير شاكر
المنية، مدينة الينابيع والمياه العذبة، والجمال الرباني الرائع، أرض الرجال الأشداء وأرض العزة والكرامة والعنفوان، المدينة المضيافة المستقبلة لزوارها بالمحبة والكرم والطيبة.
موقعها وطبيعتها ومساحتها
تقع بلدة المنية على ساحل البحر المتوسط في قضاء المنية - الضنية، في محافظة لبنان الشمالي، وترتفع عن سطح البحر من صفر الى 200 متر، وتتمتع بمناخ جيد وجو لطيف، وبموقع جغرافي مميز وطبيعة ساحرة وخلابة، تمتد من الساحل وصولا الى أعالي المواقع الجبلية فيها. وقد لعب موقعها الجغرافي الإستراتيجي دورا أساسيا في تكوينها، ومسار تطورها عبر التاريخ، حيث شكلت بوابة العبور من الجهة الشمالية لمدينة طرابلس الى الساحل والداخل السوري. تبلغ مساحة المدينة العامة 16 كلم2، حدودها معروفة من نهر البارد حتى برج أبو عدس والسلسال، ويحدها من الغرب البحر، ومن الشرق الضنية، ومن الشمال البارد - بحنين، ومن الجنوب مدينة طرابلس التي تبتعد عنها مسافة 10 كيلومترات، ويفصل بينهما جبل تربل (سمي نسبة الى أحد الآلهة الفينيقية، ويعني التل العالي)، ويمر فيها الأوتستراد الدولي الذي يربط طرابلس بعكار وصولا، الى الحدود السورية. تبتعد عن العاصمة بيروت 90 كلم، ويمكن الوصول اليها عن طريق طرابلس البداوي من الجهة الجنوبية - الغربية، البارد وبحنين من الجهة الشمالية - الشرقية، مركبتا من الجهة الشرقية، هذا بالإضافة الى عدد من الطرق الفرعية التي تربطها بعكار والبداوي.
تاريخها وإسمها
يعود تاريخ المنية الى القرن السابع عشر قبل الميلاد، أما إسمها فقد اختلف حوله الباحثون، ويرجح العلماء بأن إسم المنية يعود لإسم الإله منى (مناة)، وهو إله الحظ والنصيب، فالآشوريون الذين جعلوا من أرضها مطمرة لدراهمهم ونقودهم، فسموا هذه المنطقة ب(MANU) وهي قطعة من الدراهم القديمة، ثم توضح لاحقا بأن إسمها عربي خالص، من المنى والأمنية، بحيث كانت بساتينها وحقولها منتزها لأهل طرابلس، بحيث كانت أمنية الواحد منهم أن يكون له مقام أو منزل فيها، ولعل التسمية جاءت من كثرة الينابيع والعيون فيها.
أحياؤها
يبلغ عدد أحياء المنية، ثمانية وهي: النبي يوشع، حي البلاط، حي الحكر، النبي كزيبر، حي الكنيسة، حي حمدون، حي المخاضة، وحي الجديدة، أما القرى المجاورة لها جغرافيا، فهي - بحنين، مركبتا، دير عمار، وبرج اليهودية.
عائلاتها
يبلغ عدد السكان الإجمالي والمسجلين في قلم النفوس حوالي ال65000 نسمة، ينتمون الى حوالي ال120 عائلة من الطائفتين الإسلامية والمسيحية، وأبرزها: زريقة ، الخير، ملص، علم الدين، الحلاق، شاكر، المير، قويدر، عجاج، غزاوي، غمراوي، محيش، عقل، أسوم، العرجا، طبو، الرملاوي، عبيد، مطر، قليمة، بيطار، الصفطلي، دورا، الحايك، وهبة، الحولي، رباع، فتوش، الحميري..
تتميز بلدة المنية بالعيش المشترك الذي يجمع بين ابنائها المسلمين والمسيحيين، فترى المسجد بالقرب من الكنيسة، ورغم الأحداث الطائفية البغيضة التي مرت على لبنان، الا انها لم تتأثر بكل هذه الأحداث، واحتضن المسلمون والمسيحيون بعضهم بعضا كعائلة واحدة. ومن أهم رجال الدين فيها الشيخ علي الرفاعي الذي له أبحاث دينية عدة، توفي سنة 1964. كذلك الخوري جريس الحولي، وله مواقف ميزته عن غيره من رجال عصره توفي في العام 1958.
مواردها
يعد القطاع الزراعي في المنية من أهم القطاعات الإقتصادية، فالعوامل الطبيعية، جعلتها ومنذ القدم، منطقة زراعية بالدرجة الأولى، ووفرت لسكانها سبل العيش الكريم من منتوجاتها الزراعية، والذي ساعد على خصوبة أرضها، طبيعة التربة و مناخ المنطقة الجيد، ووجود الكثير من التلال المحيطة بها، بالإضافة الى السهل الرحب والثروة المائية والينابيع. ومن أهم المزروعات التي اعتمد عليها أبناء البلدة: الحمضيات، اللوزيات، غرس التوت، العنب، التين، الرمان، الزيتون، الحبوب، والخضار في البيوت البلاستيكية. والزراعة في البلدة تحتاج الى الإرشاد الزراعي الذي قد يؤدي الى التقليل من كلفتها ورفع مردودها.
كما اعتمدوا على تربية النحل لإنتاج العسل، وإنتاج الزيت والدقيق ودبس الرمان وماء الزهر وماء الورد وغيرها من المنتوجات.
وقد انتشرت في المنية بعض الصناعات الحرفية كصناعة الصابون والملابس الحريرية والأواني النحاسية، وصناعة المفروشات والأخشاب، وصناعة مواد البناء. واليوم تعتمد الأغلبية فيها على التجارة، حيث يوجد 100 دكان لبيع المواد الغذائية التي تؤمن حاجات المستهلك دون التوجه الى طرابلس، ومحلات للألبسة والأحذية، ومحطات وقود، ومعارض لبيع السيارات وغيرها، وعدد من القاعات الخاصة للأفراح والندوات، الا ان البلدة ما زالت تحتاج الى تطوير قطاعي المطاعم والفنادق، نظرا لموقعها السياحي المميز.
آثارها
ما ان يحط رحال زائر بلدة المنية في أرضها، حتى تشده الآثار والمعالم الأثرية الطبيعية والبيئية المنتشرة في قراها والبادية للعيان، وهي خير شاهد على أصالتها وتجذرها عبر التاريخ، ولكنها وللأسف تحتاج الى الإهتمام السياحي الرسمي من قبل الدولة ووزارتي السياحة والثقافة، ففيها أبراج رومانية ومدارس مملوكية، والحياة العمرانية فيها، تعتبر نقطة رئيسية في تاريخها، حيث العديد من العمارة المنتشرة على أرضها من الشاطىء حتى الجبل، وهناك منازل مبنية من الصخر اللين، خاصة في منطقة النبي يوشع، حيث مقام النبي يوشع ومسجد النبي يوشع الذي بنته الدولة العثمانية، إضافة الى بركة كبيرة أقيمت تكريما للضريح، أقدم وأروع الآثار الموجودة في البلدة، والكهوف الطويلة.
ومن اثارها أيضا مقام النبي كزيبر، والإسم هو تحريف لكلمة Gizabra، ومعناها أمين الخزانة أو الوكيل على المال، والمقام موجود تحت شجرة غليظة جدا، إضافة الى أضرحة كثيرة. ومدرسة عين البرج والمعروفة أيضا بالكلية الزراعية العثمانية، صممتها وشيدتها الدولة العثمانية كمدرسة مهنية لتعليم أصول الزراعة والصناعة، يوجد فيها فن الهندسة المعمارية بطول 48م وبعرض 28م، و12 بابا من ناحية الطول، و7 من العرض، بإرتفاع 6 أمتار على شكل قبب.
اما خان العسكر، الكائن في منطقة الحكر القريب من مخفر الدرك ، فمساحته تعادل300 م2، إرتفاعه حوالي الستة أمتار، أرضه مقسمة الى مربعات، من أجل وضع المؤن العسكرية وهذا الخان هو أيضا من الآثار العثمانية، وما يزال قائما على ما هو عليه، ولكن لم يلق اي إهتمام وقد ترك دون عناية.
يضاف الى هذه الاثارات العديد من الحصون والأبراج، وهي مبنية بنفس التصميم، فكلها رباعية الشكل، وكما يبدو للعيان هي صنيعة الأعمال العسكرية في مجملها، داخلها مطلي بالطين والتبن وذلك من أجل تماسكها، وبرج أبو عدس الموجود في محلة عرمان، تفيد المصادر التاريخية بأنه مملوكي الأصل، أشاده المماليك للحراسة، الا انه لم يعد يوجد من هذا البرج سوى أرض ميتة، أقيمت مكانه محطة طرابلس لتوليد الطاقة الكهربائية.
ومطاحنها القديمة تعمل بطرق بدائية، ومنها: مطحنة البلاط، مطحنة الجديدة أو مطحنة علي بك العظم، مطحنة البص، ومطحنة عدوى، بعضها قليلة الإرتفاع وبطيئة الحركة، وبعضها الآخر مرتفعة وسريعة، وقد وجدت في أيامها لسد حاجات الناس من الدقيق، وهي قائمة حتى الآن ولكن الإهمال قد أصابها بشكل ملحوظ.
وفي البلدة كنائس قديمة جدا، هي من الآثار العثمانية، إذ أن حجارتها تشبه حجارة خان العسكر، منها كنيسة المنية للروم، طولها 18 مترا وعرضها 10 أمتار، يصل إرتفاعها الى الخمسة أمتار، موجود على ظهرها الناقور أو الجرس المثبت على حديدة بحرية قديمة، وفي داخلها مقام لأول خوري عمل فيها.
بلدية المنية
تأسست البلدية في العام 1938، ويضم مجلسها 21 عضوا، وأول من تولى رئاسته أحمد أسعد الخير، ثم تعاقب على الرئاسة كل من: زاكي علم الدين، توفيق زريقة، عارف علم الدين، اما رئيس بلديتها الحالي فهو مصطفى عقل الذي اكد في حديث معه انه يركز على المشاريع الإنتاجية والتنموية التي يمكن أن تنهض بالمدينة الى أعلى المستويات.
ودعا الجميع الى التعاون وبذل الجهد لتحقيق كل الإنجازات المثمرة التي تخدم المنطقة وأهاليها، مبديا إستعداده لسماع شكاوى وآراء كل المواطنين، ومد اليد للمساعدة وتأمين الحاجات والخدمات الأساسية لأبناء المنطقة ضمن الإمكانيات الموجودة.
وعدد أبرز المشاريع النوعية التي تم إنجازها في البلدة كمشروع معصرة الزيتون، معمل معالجة النفايات الصلبة، إزالة النفايات وتنظيف الطرقات وإعادة تأهيلها وتوسيعها، مشاريع التشجير، وحدة تسويق وتعليب الخضار، تأمين مركز لرعاية الأطفال وآخر للمسنين، تجهيز دار حضانة، تأهيل وتجهيز مسرح المنية المقترح من جمعية التوعية والعمل الخيري، مشروع ربط شبكة المجارير بمحطة التكرير في منطقة أبو علي في طرابلس، تحسين الصرف الصحي وشبكة مياه الشفة، تنفيذ مشروع إصلاح وبناء البنى التحتية وتحسين أقنية الري في مواقع عدة، تأهيل نفق المنية، إنشاء مستشفى المنية الحكومي ومدرسة المنية الممولة من قبل الرئيس سعدالحريري، وإقامة ندوات ثقافية وصحية ودورات تقوية للطلاب، ومساعدة الجمعيات والهيئات الإجتماعية والأندية.
أما بالنسبة للمشاريع المستقبلية، فشدد على أهمية تطوير البلدة ورفع مستواها الى أرقى المستويات عبر تحسين وضعها البيئي والصحي والسياحي والإقتصادي، مع إيجاد الحلول المناسبة لكل المشاكل التي تعاني منها المنطقة وأبناؤها.
ومن المشاريع المقترحة للتنفيذ والتي تحتاج الى التمويل: إنشاء ملعب رياضي وحديقة عامة ومدينة ملاهي، بمساهمة ومساعدة نائب المنطقة كاظم الخير، إنشاء مزرعة للأسماك، تأمين مركز لتأهيل ذوي الإحتياجات الخاصة، إقامة مسلخ يلجأ إليه أصحاب الملاحم، ومعمل للألبان والأجبان يشجع المزارعين على تربية المواشي، توفير مولد كهربائي ليحل أزمة إنقطاع التيار الكهربائي المتواصل وإنشاء مسبح مغلق.
وتمنى عقل تنفيذ كل المشاريع التي لم تلق أي دعم معنوي ومادي، والعديد من المشاريع التي تطمح البلدية الى إنجازها بالتعاون مع المسؤولين كافة.
نائبها كاظم الخير
أما نائب المنية، كاظم الخير، نجل النائب السابق صالح الخير، فهو أصغر نائب في المجلس النيابي، من مواليد المنية 1983، فاز بالإنتخابات النيابية الفرعية عن دائرة المنية – الضنية، هو عضو في كتلة "المستقبل" النيابية، مؤمن بنهج ومسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، شعاره الصدق وحفظ الأمانة وتأدية الرسالة على أكمل وجه، شاب طموح يتمنى إعطاء الكثير لبلده ومنطقته وأهمها تحقيق العدالة الإجتماعية عبر الإنماء المتوازن لكل لبنان وإعطاء كل ذي حق حقه، والعمل على بناء دولة المؤسسات.
وقد رأى النائب الخير في حديث معه، أن "بلدة المنية تحتاج الى خطة إنمائية شاملة، والى تخطيط وتنظيم مدني والى تنفيذ العديد من المشاريع الإنمائية والحيوية في المنطقة وتأمين الأموال اللازمة لها ضمن الإمكانيات الموجودة. وأكد متابعته لمختلف المشاريع التي طالب بها والده سابقا، وقد صارت قيد التنفيذ، وهي كثيرة ومهمة وتكمن في مصلحة البلدة وتطورها، ولعل أهمها: مشروع الأوتستراد الذي سيربط قضاء المنية -الضنية ببعضه، وأوتوستراد عرمان - العبدة، والذي ستلاحق كل الشركات التي تنجزه حتى يتم تنفيذ العمل فيه على أكمل وجه، لأن المواصلات اليوم تشكل العصب الحقيقي للنهضة الإجتماعية، ومشروع تطوير المصفاية في منطقة دير عمار، الذي يفتح أمام المنطقة فرصا إستثمارية واسعة، كذلك القائمقامية والتي فتحت بعض مراكزها ودوائرها لخدمة أبناء البلدة، ومشروع المياه الذي وافق الصندوق السعودي على تمويله، بعد سعي ومساعدة الرئيس سعد الحريري والرئيس السنيورة لذلك، وإنشاء مستشفى حكومي يلبي الحاجات الصحية للأهالي".
وقد أكد سعيه "جاهدا لوضع برنامج من أجل مساعدة الأسر الفقيرة من قبل وزارة الشؤون الإجتماعية، حيث تم تأمين مركز للبلدة سيبدأ العمل فيه قريبا"، ومن المشاريع السريعة الإنجاز، البناء الذي سيضم جامعا للصلاة وقاعة إستقبال للتعازي، إضافة الى مسرح مجهز للمحاضرات والنشاطات الفنية والثقافية، وإنشاء حضانة للأطفال ما يرفع العبء عن الأمهات العاملات .
كما شدد على أهمية مساندة الشباب و تأمين فرص العمل لهم، وإنشاء رابطة للشباب من مختلف الشرائح من المثقفين وخريجي الجامعات والثانويات وتوحيد الجهود من أجل نشر الثقافة والمعرفة والوعي السياسي والنهوض الإقتصادي والتنمية الإجتماعية لنبذ العنصرية والتعصب العشائري .
وختم النائب الخير حديثه بالقول: "رغم كل الصعوبات وكل العوائق، نحن مصممون على وضع منطقتنا على سكة التنمية والتطور، ولن نسكت عن أي كيدية أو ظلم أو حرمان لأي منطقة"، مشددا على أهمية الإنفتاح على الجميع، والعمل المشترك والتعاون الدائم والتضامن بين أبناء المنية والضنية في لبنان والمهجر، من أجل مصلحة القضاء وبنائه ورفع الحرمان عنه والمطالبة بحقوقه بالمشاريع الإنمائية، والنهوض به إلى أعلى مستويات الرقي، وجعله نموذجا يحتذى به، آملا من جميع المسؤولين دعم المنطقة في مشروع الإنماء وجعلها منطقة سياحية من الدرجة الأولى".
© NNA 2011 All rights reserved