تحقيق - غسان عازار
بشعلة والزيتون توأمان منذ القدم ، فقد حباها الله باشجار معمرة من الزيتون رمز السلام ، وتشكل احدى ابرز مقومات السياحة البيئية في البلدات اللبنانية .
تقع بلدة بشعلة في جرد قضاء البترون ، وترتفع 1200 مترا عن سطح البحر . وتبعد 26 كلم عن مدينة البترون مركز القضاء ، و54 كلم عن طرابلس مركز المحافظة ، و76 كلم عن بيروت العاصمة ، ومساحتها 600 هكتارا.
تصل اليها من قضاء البترون :عبر تقاطع دريا ، شبطين، العلالي ، مراح الحاج ، آسيا.
- مدينة البترون – بجدرفل- كور- آسيا – بشعلة.
ومن قضاء جبيل عبر مسلك عنايا ترتج ، عمشيت ترتج ، ميفوق حدتون ، ميفوق محمرش ، وعبر تنورين من حصرون ، ومن اللقلوق .
كما انه يمكن الوصول اليها من قضاء الكورة: عبر بزيزا ، كفتون، المجدل ومزرعة بني صعب .
يحدها شرقا دوما ، شمالا نهر الجوز حيث كفرحلدا وبيت شلالا ، وغربا آسيا ونحلا.
اسمها ومعناه
يرجح البعض تسمية بشعله الى شعلة النار التي كانت توقد فيها ايذانا بتقديم الضحايا للالهة قديما او اعلانا لخبر ما بهدف ايصاله الى مكان آخر . والاسم من السريانية مركب من جزئين الاول الباء من السريانية BET ومعناه مكان وبيت والثاني من جذر SHALI ويعني رفع وعظم ومجد .
ومن السامية من جذر علا ويفيد العمق والتقعقر والقاع فيكون معنى الاسم المكان العالي الرفيع .
ومن السريانية المكان والمقام ، والاسم مأخوذ من بيت ايل اي بيت الله ويستدل منه على الرفعة والمقام . واما الصليبيون فقد ذكروها باسم
Bet zaal ، فاعتقد البعض انها كانت مقاما للاله زحل ، اما الكونت فيليب دي طرازي فيرى ان اسم بشعله من السريانية معناه راحة الكف .
سكانها : يبلغ عدد سكان بشعله حوالي 2100 نسمة وبيوتها حوالي 270 وتتدرج في منعطفاتها ومرتفعاتها ، وتتفيأ في ظلال اشجارها من الزيتون المعمرة التي ما زالت سخية بثمارها وتحيط بها اشجار السنديان والبطم والملول وسواها من الاشجار الحرجية ، وتتميز بكرومها من العنب والتفاح واللوزيات .
عائلاتها : وهبه ، شدياق ، مارون،نصار، عشي ، رزق، جعجع شديد،هاني،ابي منصور،طربيه،خوري ، حنا ، عريضا ، صقر، سليمان، ضومط ، علوان، منصور ، ديب ، بشعلاني ، شلفون ، بركات، قبلان، ابو رزق، فارس، يعقوب، زعيتر، وهناك عائلات نزحت من البلدة الى صليما بدادون،بسكنتا، بشري،بطحا، بكاسين، رشميا، ريفون ، عينطورة ، غوسطا ، المريجات ، نيحا ، وادي شحرور.
يرجع اهالي بشعله الى جدهم صهيون من كفرطابو عكار ، كما جاء في كتاب بشعله وصليما للخوري اسطفان البشعلاني .
بلدة زراعية
بشعله بلدة سياحية زراعية وتراثية ، حافلة بالسكان منذ القدم ، يفاخر ابناؤها باشجار زيتونهم التي هي الاقدم في العالم لما ومنهم الى زرع جوانب طرقاتهم بنصوب الزيتون ارثا زراعيا سياحيا وجعلوا لكل شجرة مُتبن يعلق فيها لوحة نحاسية يكتب عليها اسمه وتاريخ التبني تخليدا لذكراه، كما يُقطع له بطاقة بمثابة هوية للشجرة مُدون عليها المعلومات ذاتها الموجودة على اللوحة النحاسية ، وللبلدة موقع على الخريطة السياحية ومقعد للسواح يقصدونها ويلتقطون لهم صورا في ربوعها وتحت اغصان زيتونها المعمر الذي يقدر عمره بستة الاف سنة ولها في ذاكرة الماضي حكايات وحكايات . فيما تتوزع في الامكنة التالية ، مارماما ، البرغش والشقعه وابرزها على مدخل القرية يمينا ويسارا يفصلها الطريق الرئيسي العام .
وكانت بشعلة تمد طرابلس والبترون بأطنان من العنب . ويذكر بأن عنب بشعله يبقى فاخرا حتى الشتاء وكان يتهافت الى شرائه فور نزوله الى الاسواق ويعرف بعنب البشعلاني.
آثارها وتراثها
وتحتضن البلدة معالم اثرية ابرزها سبعة اديار حيث يعتبرها ابناؤها رمز الكمال لكونها حمت البلدة من النكبات، والاديرة هي :
دير القديس ضومط لم يبق منه الا المعبد والممر يحتفل بعيده في 7 آب .
دير مار توما وهو معبد قديم مرمم حديثا يحتفل بعيده في 6 تشرين الاول يقصده المرضى المؤمنون للشفاء من الكسور والتالون .
دير مار ريشا : لا تزال جدرانه قائمة حتى اليوم يحتفل بعيده في 17 آذار .
دير مار سابا : يقع في اطراف البلدة تحول الى اطلال يحتفل بعيده في 5 كانون الاول .
دير مار سركيس: مرمم يحتفل بعيده في 7 تشرين الاول .
دير مارماما : يحتفل بعيده في 2 ايلول .
مغارة وصخرة الحبس ودير مار يعقوب الحصن . ويذكر بان مغارة الحبيس تنسك فيها الراهب سمعان التولاوي من الرهبنة الانطونية كان يقيم مع رفاق له في المغارة وقد عرفت باسمه لانه أبى مغادرة البلدة وبقي في المغارة ناسكا وقد ُسميت على اسمه . والمغارة تقع في تجويف صخري .
ويضاف الى تلك الاديرة كنيسة مار اسطفان وتوجد فيها صورة للقديس بريشة الفنان الايطالي جوستيه فضلا عن مزار قلب يسوع يقع في اعلى مرتفعات البلدة على علو 350 متراً .
ومن معالم البلدة عين التحتا ، ونبع عين الفوقا ، وعين ماء طوبا والشير وتعرف بصخرة باب التم وتتميز بالتواء طول 7 امتار سابحة في الفضاء .
مغارة الدبس استخدمت في الماضي لتخزين العنب المقطوف من كروم البلدة .
وفي البلدة حديقة عامة وهي غابة واستراحة لرواد التنزه والمشي وفي داخلها مركزا للسياحة البيئية والريفية .
قلعــة الحصــن
تقع قلعة الحصن على علو 1260 م فوق سطح البحر، على قمة جبل مخروطي الشكل ناتئ في الجو يلفت النظر من مسافة بعيدة ويمتد منه النظر الى الآفاق النائية. موقع منيع يصعب الوصول اليه من كل الجهات. فيه بقايا حصن كبير. حجارته ضخمة منحوتة حسب طريقة الفينيقيين الذين كانوا يصقلون بروازا أو إطارا ( refend) في واجهة الحجر يكتنف حافاته الأربع بينما وسط الحجر " مبوّز " من دون صقل. ويقدّر رنان أن هذا الحصن الفينيقي الذي يدعون سترابون " بورّوما " والذي فتحه وهدمه بومبيوس القائد الروماني سنة 64 ق م.
طول قلعة الحصن يبلغ نحوا من 350 م وعرضها 150م . وفي أسفلها مكان يعرف بالميدان لعله كان ميدانا لسباق الفرسان. والى جانبها مدافن ونواويس وجد فيها الأهلون نقودا ومصكوكات نادرة. وهناك آثار برج وبجانبه ناووس فيه تابوت عظيم، وقد رفع التابوت من مكانه للبحث عن الكنوز اذ قد شاع، على أثر وجود تمثال صغير من ذهب ومصكوكات قديمة، ان القلعة فيها الكنوز الدفينة. فأخذ أهالي بشعلة يحفرون وينقبون في جوانبها. وبعض ما وجدوه من النقود القديمة فاذا بها عملة رومانية ويونانية وفينيقية ".
وتشبه القلعة من بعيد سارية جبارة ناتئة في الجو. وإذا صح كما يقول رنان أنها قلعة بورّوما التي كانت معقلا فينيقيا حصينا افتتحه بومبيوس،
وهذا الحصن متكون من مبان ضخمة الحجارة تحيط بالصخرة التي تؤلف قمة هذا الجبل. وفي أعلى الصخرة تجويف أو بئر لجمع دماء الضحايا الوثنية حسب الطقوس الفينيقية. ويكتنف الصخرة وما حولها من المباني سوران .
ويحكى ان هذه البلدة البترونية كان يقصدها يوسف بك كرم الاهدني يوم ثورته على داود باشا متصرف لبنان دفاعا عن لبنان ، وكان يأوي الى قلعة الحصن ويشرف على علوها الشاهق على البلاد كلها حيث بياض الثلج وزرقة المياه ، ونظرا الى الروابط التي تجمعه بابناء بشعله لما يراه منهم من بسالة واقدام اطلق عليها اسم " بشعله الصغيرة" ولا زال هذه التسمية يتناقلها الناس من جيل الى جيل.
وفي الختام، يبقى ان نشير الى ان انطونيوس البشعلاني هو اول شخص نزح من بشعلة مع اهله وابنائه الى صليما ليهاجر بعدها الى بوسطن في العام 1854 على ظهر مركب شراعي من بيروت .