ندوة تكريمية للدكتورة غادة السمروط بالذكرى الأولى لغيابها في مركز الصفدي

وطنية - طرابلس - أحيا "منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي" الذكرى السنوية الأولى لغياب الدكتورة غادة السمروط بندوة تكريمية في مركز الصفدي بطرابلس، بالتعاون مع المنتدى الثقافي في الضنية، تخللها إصدار كتابين: "ومضات فارسية" للدكتورة غادة السمروط و"العبور بالكلمة إلى ما وراء الكلمة والنفاد إلى عمق الذات"( مشروع غادة السمروط الفكري عبر مراجعات نقدية تطبيقية) للدكتور مصطفى الحلوة.

حضر الندوة ممثل النائب اللواء أشرف ريفي محمد كمال زيادة، الوزير والنائب السابق أحمد فتفت، مدير عام مصلحة مياه طرابلس خالد عبيد، الأمين العام للجنة الوطنية للأونسكو المحامي الشاعر شوقي ساسين، مدير كلية الآداب في الجامعة اللبنانية - الفرع الثالث الدكتور محمد الحاج، المديرة السابقة لكلية الآداب - الفرع الثالث د.جاكلين أيوب، الرئيس السابق لبلدية الميناء عبد القادر علم الدين، الرئيس السابق لبلدية بخعون زياد جمال، الشيخ الدكتور شادي مرعي، فاعليات أكاديمية وثقافية واجتماعية من مختلف المناطق.

شارك في الندوة رئيسة "منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي" الشاعرة ميراي شحاده، الشاعرة يسرى البيطار، الدكتور مصطفى الحلوة، أحمد يوسف الذي القى كلمة العائلة، وتخللها تحية غنائية مع الدكتورة مارلين يونس.

غنوم  

قدم الندوة الدكتور عماد غنوم الذي قال: "لم يتسن لي في دروب الدراسة أن ألتقي بالدكتورة غادة السمروط رحمها الله تعالى، ثم تعرفت إليها زميلة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، إلا ان اللحظة الفارقة في معرفتها كانت يوم حضرت في هذا الصرح ندوة حول أحد كتبها، ثم استمعت إليها متحدثة، فبهرني في شخصها الهدوء الراقي، وفي كلماتها الأناقة والجمال، وفي فكرها العمق الفلسفي، ويومها لم أتخيل أن اقف على منبر للحديث عنها في يوم ما، وكم كانت سعادتي يوم اصطفاني المصطفى الحلوة لأقدم هذه الندوة بموافقة ومباركة من السيدة ميراي شحاده".

أضاف: "وأنا أقرأ في مقدمة الدكتور مصطفى للكتاب شعرت للوهلة الأولى أن أستاذنا أتعب من سيأتي بعده فهو لم يترك شيئا من أفكار الكتاب إلا وتحدث عنه، فقلت ربما ترك لي الأسلوبية واللغة، ولكنه لم يوفرها وقدم مطالعاته القيمة في لغة الكتاب وأسلوبه. ولكي لا أكرر ما اورده أستاذنا، تركت العنان لمشاعري لتكتب جملة من الخواطر والافكار التي راودتني وأنا أغوص في ومضات غادة السمروط".

وتابع: "لقد تساءلت منذ العنوان عن دلالاته مثل أستاذي وكان التوضيح الذي ذكره الدكتور مصطفى كافيا لإزالة تساؤلاتي، إلا أنني أريد أن أخالف الدكتور مصطفى في ما ذهب إليه من دلالات العنوان فبعد مطالعة الكتاب وجدت أن كلمة فارسية التي تحيل إلى فارس ابن الراحلة، لا يكتفي بهذه الإحالة فقط، إذ كنت وانا اقرأ هذه الومضات أشعر بأنني في معرض للفن الفارسي بما يشتهر به من دقة وجمال واتقان وحيوية ألوان".

وختم: "ومضات غادة آية في الجمال والسحر الفني، نسجتها كحائك فارسي يشد الخيط إلى الخيط ليبدع منه اجمل الأشكال، وغادة السمروط تشد الكلمة إلى الكلمة لتبهرنا بما تقول وتصنع".

شحاده

بدورها، قالت الشاعرة ميراي شحاده: "نلتقي في هذه العشية المباركة لنحتفي معك، من هنا، من الصرح الثقافي الذي لطالما ضج بك ومعك، من مركز الصفدي مشكورا، وأنت تطلين من عليائك، تباركين ولادة كتابين من رحم منتدى شاعرالكورة الخضراء، كتابين الأول لك والثاني عنك. فلك الخلد يا سيدة المحافل والكلمات".

أضافت: "من ثالوث ثقافي مقدس، طرابلس والضنية والكورة، نرفع لك بخور أبجدياتنا، مترعون فخرا بك وبإنجازاتك الأدبية والبحثية، وأنت التي أشعلت مطر الكتابة والكتاب بوهج حبرك وارتمت يراعاتك على شطآن الحروف وفي كواليس الجامعة اللبنانية، توشم بالحب ما سطرت أناملهم من كنوز، وأنت التي لم تكلي عن سبر أغوار المعرفة، مبحرة نحو الحكمة وعوالم اللغات أجمع".

وتابعت: "اليوم أقلامنا جميعها تبحر إليك. وقلوبنا ترنو إلى فضاءاتك. جئناك من الكورة والبترون والضنية وعكار نتشارك مع حبيبتك الفيحاء في ذكرى رحيلك الأول. غدوت باكرا جدا يا سيدتي إلى مرآبك الأعلى. وأودعت  فينا وفي مكتباتنا الكثير من آلائك؟".

واردفت: "قبل أن نلتقي في 2020، كنت من عشاق كلماتك، أقرأها وأعبر بروحك أثلام الأدب والشعر والفلسفة وأراني بين شعاعاتك، كالكثيرين من قرائك، أعبر إلى النور بك ومعك. عبورنا الأول في منتدى شاعر الكورة الخضراء كان معك عبر أعمال الشاعر الدكتور محمود عثمان، وهو مشكور لوصلي بك، فولد مولودك الأول في المنتدى الكوراني: بين العبثية والصوفية في أعمال محمود عثمان الأدبية. وأنا كنت أرقب ساعة تعبرين بأعمال عبدالله شحاده بين خافقيك، لكنك آثرت العبور إليه والبقاء هناك. أقول لك يا غادتي السمراء، نامي قريرة العين وتوسدي السماء لا تليق بك إلا السماوات".

وختمت: "للدكتور مصطفى الحلوة أقول: عودتنا الغوص في الأعماق وعلمتنا كيف تورق بين يديك كل الكلمات.مبارك لك نصوصك النقدية الصارخة حضورا في غسق الرحيل. عبرت بغادة السمروط إلى ما وراء الكلمات وسبرنا معك عمق ذاتها ووساعة ثقافتها وصولجان فكرها وعرفنا بك طقوسا فلسفية وجدليات".

الحلوة

وبعد قصيدة ألقتها الدكتورة يسرى البيطار بعنوان "غنى بك الناي"، قال الحلوة: "غادة السمروط، في كل ما حبر القلم، لم تكتب لتكتب، كتاباتها هادفة ملتزمة، من غير أدلجة، ولا دوغما. وهذا ما أفضى بهذه الكتابات الثرة إلى مشروع فكري منبن على رؤية عقلية صارمة، ملامسة بعضا من أسئلة الفلسفة، وملبصة أشرعتها، عند شواطىء العرفان. في نهاية المطاف، تأبطت غادة السمروط كلمتها لتعبرها بالكلمة، في حالة من جدل الكلمة والعبور لا ينتهيان، تأبطتها عبر طقوسية، لا يؤتاها إلا المتصوفة، عابرة إلى فناء إبتغاء بقاء، وقد حق لها البقاء".

أضاف: "أما عن "ومضات فارسية"، فهو بكائية من مائتين وأربع وستين ومضة، خاطرة، صلاة يترجع صداها في هيكل الأمومة الموجوعة، التي لا تستطيع صبرا على غربة فارس، أصغر الأبناء. أطلت غادة السمروط بهذا الكتاب، في الهزيع الأخير من عمرها، فكانت ومضات، وأي ومضات1".

وتابع: "قبل دفع هذا الكتاب إلى المطبعة، بأسابيع معدودات من رحيلها، طلبت إلي أن أقدم له. وكي تهون الأمر علي، رغبت أن يشغل التقديم صفحة واحدة، أو صفحتين على الأكثر، كأننا بها لا تعرفني، وأنا المبتلى بالجنوح إلى الموسوعية "البناءة"، التي لا برء لي منها. وكأنها لا تدرك أن الكتابة عنها، بل عن نتاجها الفكري، هو تكليف وتشريف لي في آن. هكذا لم أستجب لرغبتها، فكان أن شغل التقديم ستا وعشرين صفحة".

واردف: "عبر "ومضات فارسية"، بل عبر هذه البكائية، التي تتفطر لها القلوب، ترهص غادة السمروط بإعلان رحيلها عن دار الفناء، دار الشقاء، إلى دار البقاء. ولكن مهلا، فدار بقائها ليست فحسب ما وعدت به الأديان السماوية، جنة عرضها السموات والارض -وهي ترفل فيها اليوم- بل هي دار فكرها الباقية على الزمن، التي تضم من حفروا اسمهم على شمس لا تغيب. "ومضات فارسية" هي قصة عشق أمومي، بنوي، في أعلى مراتبه والتجليات. تصدر غادة السمروط، في ومضاتها، عن حب أمومي جارف، تجاه فارسها، لا يعدله سوى الحب الإلهي، بل العشق الإلهي، لدى أهل العرفان. هذا العشق الأمومي، يقابله حب بنوي عميق، مما يضعنا أمام جدل الأمومة، البنوة الخلاق. بهذا العشق، تفيض معظم نصوص الكتاب، بحيث يشكل الابن فارس شغل الأم الشاغل، والمالك عليها قلبها والمشاعر، بل إنه يحتل المشهد، من جميع جوانبه".

وختم: "من خلال هذا الحب الأموي الجامح، تسفر غادة السمروط عن طاقةإيجابية، وجدت في بثها، بل في تفجيرها بعضا من عزاء وشفاء، وهي تجبه الوجع، الذي يستبد بها، ويؤرقها، على مدار الساعة. ولعل ما سعر من منسوب عاطفة الأم تلك النزعة العرفانية المتأصلة لديها، فهي زاهدة، لا تصعر خدها للناس، ولا تمشي في الأرض مرحا، إدراكا منها أن الله لا يحب كل مختال فخور. ناهيك عن ثقافتها الواسعة والعميقة، المطلة، في أحد جوانبها، على فلسفة التصوف. وقد تأثرت هذه الفلسفة، فكرا وممارسة سلوكية، من خلال كتابات الشاعر الفرنكوفوني صلاح ستيتية، صاحب الباع الطويل، في فضاءات التصوف، وعلى تماس مع كبار المتصوفين التاريخيين المسلمين".

يوسف

وختاما، قال زوج الراحلة أحمد يوسف باسم العائلة: "لقد أمضت الفقيدة عمرها في التعلم والتدريس والكتابة، من الابتدائي الى الجامعي وفي بناء العائلة وهي لم ترض إلا ببلوغ الأقاصي فكان لها ما أرادت. وكانت تمني النفس بشيء من الراحة بعيد التقاعد الوظيفي لتتفرغ للكتابة والسفر ولكن المرض فاجأها براحة وسفرة أبديين، بسبب تنشقها غبار الاسبستوس الذي اختبأ في رئتها، لمدة تزيد عن الخمسين من السنوات، عندما كانت تكنسه يوميا من أمام منزلها العائلي في الهري".

أضاف: "الشكر باسم العائلة للمهندسة الأديبة ميراي شحادة حداد التي اتخذت القرار بطباعة وإصدار الكتابين اللذين نحتفي اليوم بإطلاقهما، وكانت قبلها أصدرت كتابا ثالثا للفقيدة بعنوان "بين العبثية والصوفية في أعمال محمود عثمان الأدبية". وأشكرها أيضا على الدعوة إلى هذا اللقاء في خضم انشغالها بإقامة الندوات والمشاركة في كل الأنشطة على مساحة لبنان".

وتابع: "أشكر الصديق الباحث الدكتور مصطفى الحلوة الذي وضع مقدمات كتبها ومن بينها اليوم كتاب "ومضات فارسية "الى جانب وضعه الكتاب القيم الآخر" العبور بالكلمة إلى ما وراء الكلمة والنفاذ إلى عمق الذات الذي يتناول أدب وفكر غادة السمروط" .

كما شكر غنوم وبيطار ويونس على كلماتهم، واتحاد بلديات الضنية ورئيسه محمد سعدية لتسمية إحدى قاعات الاتحاد باسم الراحلة وفتح أبوابه للنشاطات الثقافية، واعضاء المنتدى الثقافي في الضنية وفي مقدمهم العضو المؤسس أحمد فتفت وأعضاء الهيئتين الادارية والعامة.

 

                         ==========

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب